قد يكون لكل مريض رياضته الخاصة التي تساعده – بإذن الله – على الشفاء، إلا أنه لا يوجد لكل جسد رياضته الخاصة.. فالرياضة بكل أنواعها مفيدة للجسد برمته وما لا ينفع منها لا يضر..
وما من مريض بالسكري أو ارتفاع نسبة الدهون والشحوم في الدم أو يعاني من داء المفاصل أو التشنج العضلي أو «تكلّس» أو غيره، إلا وينصحه طبيبه بممارسة الرياضة التي تساعده على الشفاء من هذه الأمراض.
ومع تقدم الطب والأبحاث والتشخيص تم التوصل إلى أن الرياضات البدنية تساعد في الخلاص من كثير من الأمراض، وتبين أنه «ليس بالدواء وحده يحيا الإنسان». وأن «درهم الوقاية» فعلًا خير من قنطار علاج أو من قنطار دواء بمعنى أصح..
وهذا «الدرهم» هو الوقاية الذاتية التي يستطيع الإنسان أن يلتزمها في حياته حتى تجنبه المرض، والرياضة هي أساس هذه الوقاية.
شفاء ووقاية
ومن الأمراض التي تتأثر بالرياضة الكولسترول وهو نوعان: HDL الكولسترول الحميد وLDL الكولسترول الخبيث، فالأول أي HDL هو الذي يتأثر بالرياضة وملخص الدراسات يثبت أن الرياضة تساعد على زيادة الطاقة المستوعبة من الأوكسجين وبهذه الطريقة يتحسن مستوى الـHDL في الدم ويصبح الإنسان في صحة أفضل.
أما التريغليسرايد (أي الشحوم الثلاثية في الدم) فإن الرياضة تعمل على تخفيض معدله في الدم نتيجة الجهد الذي يقوم به الإنسان خلال ممارسة الرياضة.
وهناك مرض ضغط الدم ، إلا أن بعض الدراسات يؤكد هبوط ضغط الدم (العالي والمنخفض) بعد ممارسةالرياضة حتى دون خسارة الوزن لذا فإننا ننصح بالرياضة المعتدلة».
أما في شأن الوزن الزائد فإن الوضع يختلف بين الحمية المتبعة وحدها والرياضة المتبعة وحدها في التأثير على معالجته.
ففي حال الحمية الغذائية وحدها يترافق انخفاض نسبة الدهون مع انخفاض في حجم العضلات، والعضلة هي محرك الجسم الذي يمكنه من حرق السعرات الحرارية.
لذا علينا المحافظة على العضلات خصوصًا بعد بلوغ سن الـ25 عامًا، لأن الجسم يخسر تلقائيًا 2% من عضلاته مع التقدم في العمر، وحتى ولو بقيت كمية الطعام التي نتناولها نفسها ثابتة، فإننا نلاحظ زيادة في وزننا لأن الجسم يبدأ بفقدان العضلات مما يضعف عمل المحرك (muscles) الذي يؤدي بدوره إلى تخفيض عملية حرق السعرات الحرارية، فيصبح معدل تخزين الدهون أعلى.
وهنا يأتي دور الرياضة التي تساعد على تخفيض نسبة الدهون من دون فقدان العضل بل على العكس فإنها تساعد في زيادة حجمه الأمر الذي يمكن الجسم من حرق الدهون أو السعرات الحرارية بطريقة طبيعية.
كما تساعد الرياضة على حرق السعرات الحرارية (Metabolic rate) وحتى بعد الانتهاء من ممارستها تبقى هذه العملية مستمرة بقوة لمدة تتراوح من 12 إلى 48 ساعة حسب نوع الرياضة التي تمت ممارستها.
وهناك وسائل متعددة للحفاظ على مستوى منتظم من السكريات في الدم، والدور الذي يمكن أن تقوم به الرياضة في تجنب الإصابة بمرض السكري، وتنظيم مستوى السكر في الدم لدى المصابين بداء السكري.
ذلك أن الشخص الذي يمارس الرياضة، يساعد جسمه على تنظيم عملية دخول وخروج السكر من الدم بطريقة فعالة أكثر وخصوصًا إذا مارسها في انتظام واتبع نظامًا غذائيًا خاصًا إلى جانب الاستمرار في علاجه الخاص أي تناول أدوية داء السكري.
ورغم قلة الدراسات التي تثبت أن الرياضة تساعد على الإقلاع عن التدخين على المدى الطويل، إلا أنه على المدى القصير «فإن أي شخص مدخن وأثناء ممارسته للرياضة يكره التدخين ويدرك مضاره فيتوقف عنه بعد ساعات من ممارسة الرياضة على أقل تقدير وهذا جيد نوعًا ما لكنه يحتاج الى وعي وإدراك أكبر وإرادة قوية ليقلع عنه نهائيًا».
وبالنسبة للجهاز العصبي (Central nervous system) فإن الرياضة تلعب دورًا مهمًا في ترابط وانسجام (تنسيق) حركات الجسم وتسرّع ردات الفعل (Reflex) عن الإنسان في مواقف معينة وهي تؤثر على الوضع النفسي من خلال تخفيف القلق وحالات الانهيار العصبي سواء كانت خفيفة أو معتدلة. أما في الحالات القوية فلا بد من طرق أخرى أو استشارة طبيب.
رضا وإيجابية
إن الرياضة عمومًا تساعد على الشعور بالرضا والإيجابية كما أنها تزيد الطاقة لدى الإنسان في حياته اليومية لأن عملية تخزين السكر (Glycogen) في العضل والقلب وغيره من الأعضاء تصبح فعالة أكثر، فيتمكن الإنسان عند الحاجة من استخدام هذه المادة أي يكون الجسم قد اعتاد على تخزينها فيستعمل هذا المخزون بطريقة فعالة أكثر.
وتساعد الرياضة على تنشيط الشرايين الصغيرة والشعيرات في الدم وتزيد نسبة Hemoglobin التي تلعب دورًا مهمًا في تنشيط الجسد عمومًا وفي مقاومته للميكروبات والأمراض.
ولا ننسى دورها كعامل وقائي أساسي من الأورام السرطانية حتى أن انتظامها يخفف من امتداد واتساع هذه الأورام عند الأشخاص المصابين بالسرطان وقد يزيد نشاط الإنزيمات التي تعمل على تفكك الـ«mutagens» التي تغيّر حركة الخلايا.
وعن دور الرياضة في الوقاية من مرض ترقق العظم، أشير إلى أن الرياضة تحافظ على العضلات وتقوي العظام قبل الإصابة بالمرض، وخصوصًا رياضة الحديد (الوزن الذي ُيثقل الإنسان عظمه به) والقفز أيضًا.
في حالة الإصابة
هذه الأنواع من الرياضة يجب أن تمارس بشكل مدروس ومنتظم قبل سن الـ35 أو 40، حتى نؤخر هذا المرض، أما بعد الإصابة بالمرض فالرياضة تصبح غير مفيدة للمعالجة وتقتصر فائدتها فقط على الصحة العامة».
يبقى أنه وفي حديثنا عن كل هذه الأمراض المتأثرة خصوصًا بالرياضة، نعني بها رياضة المشي أو Aerobics الخفيف، نحذر دائمًا من الإجهاد في ممارسة الرياضة. فيجب احترام قدرة الجسم على التحمل ويجب ألا نتوقف أبدًا لا في الفصول ولا في المواسم عن المشي الذي لا يحتاج إلى توجيه، أما الحركات السويدية فمن المستحسن استشارة الطبيب المختص في حالة المرض عن نوع الحركات الرياضية الواجب ممارستها.
د. لبنى حلبي – أخصائية تغذية