مع دخولنا عصر العولمة والانفتاح الاقتصادي الذي شمل اقتصاديات العالم بأسره، وانضمامنا لمنظمة التجارة العالمية، شهدت المملكة إصلاحات اقتصادية متعددة كان لها مردود إيجابي على النمو الاقتصادي للبلاد من حيث الدخل والناتج القومي.
لقد كان للقوانين والتشريعات التي سنت من أجل توفير بيئة استثمارية صحية لاستقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية الدور الفاعل في إنعاش الأسواق المحلية وفتح باب المنافسة الشريفة على مصراعيه، الأمر الذي يؤسس لبنية اقتصادية متينة وراسخة تدعم استقرار الاستثمارات وعدم تسربها ونزوحها، إلا أنه وفي الآونة الأخيرة بدأت تطفو على السطح بعض السلبيات التي يمكن لها أن تعيق تحقيق تلك الأهداف الطموحة.
فكما هو معروف إن معظم الاستثمارات الأجنبية والماركات العالمية تم استقطابها بناء على سمعتها العالمية الطيبة أو إنجازاتها المتميزة في مجالها، لكن بين الحين والأخر يؤدي الإعلام بمختلف وسائله ومصادره دورًا في التأثير وبشكل سلبي على مركز وسمعة بعض المنشآت التجارية، فعلى سبيل المثال يحدث أن نتلقى رسائل نصية مجهولة المصدر على هواتفنا النقالة تخبرنا عن دخول أو وجود كميات كبيرة من المنتج «الفلاني» فاسدة أو مسرطنة أو خلافه مما يثير الذعر بين المستهلكين فيكون رد الفعل هو الإحجام عن شراء واستخدام ذلك المنتج.
أضف إلى ذلك الرسائل التي تصل على البريد الإلكتروني محملة بأخبار أو مواضيع أو تحذيرات تحض على عدم شراء أو استخدام منتجات أو التعامل مع شركات. وفي الغالب يتم تحديدها وتسميتها بذاتها. وقد تصل في بعض الأحيان لوضع صورة للمنتج أو المنتجات المعنية بالرسالة.
وكثيرًا ما ترسل مثل تلك الرسائل بكثرة لدرجة يختلط فيها السمين مع الغث، خاصة عندما يرتبط موضوع الرسالة بقضية رأي عام كالدعوات التي تطلق من حين إلى آخر لمقاطعة منتجات معينة، والتي دائمًا ما تعزى لأسباب دينية أو سياسية.
والمقاطعة بحد ذاتها هي حرية شخصية مكفولة ووسيلة تعبير عن الرأي سواء كانت صادرة من فرد أو من جماعة، إلا أن كثيرًا من تلك الرسائل التحذيرية تكون معلوماتها مغلوطة أو غير دقيقة.
وسواء كان ذلك بقصد وسوء نية أو عن طريق الخطأ فإن تأثيرها السلبي يكون قد تحقق على شريحة واسعة من المجتمع، فتلك النوعية من الرسائل الإعلامية والإخبارية هي سلاح ذو حدين.
فقد يكون لها بعض الأثر الإيجابي إلا أنها تضر بشكل مسيء لمبدأ العدالة والمنافسة الشريفة التي هي أساس البيئة الاستثمارية الصحية، حيث تخدم مصالح أشخاص حقيقيين أو اعتباريين على حساب سمعة ومصالح آخرين، فتكون في بعض الأحيان خيرًا يراد به باطل.
لذا فمن الواجب علينا أفراد وجماعات وهيئات تحري الحقيقة والدقة والموضوعية عند نشر أو نقل الخبر أو الرسالة، فهي أمانة نحاسب عليها أمام الله في المقام الأول، كما أنها مسؤولية الجميع تجاه مجتمعنا ووطننا.
د. خالد علي المدني
استشاري التغذية العلاجية
