أكدت دراسة حديثة أن ما يصل إلى 40% من حالات الخرف يمكن منعها أو تأخيرها من خلال اتباع نمط حياة صحي. عوامل مثل التدخين، وسوء التغذية، والتلوث، تساهم بشكل كبير في زيادة خطر الإصابة بهذا المرض الذي يؤثر على الملايين حول العالم ويحرمهم من ذاكرتهم واستقلاليتهم. من خلال اتخاذ إجراءات وقائية مبكرة، مثل ممارسة الرياضة بانتظام، وتناول غذاء متوازن، وتجنب التدخين، يمكننا حماية أدمغتنا والحفاظ على وظائفها الإدراكية لسنوات عديدة.
تتعدد العوامل التي تساهم في زيادة خطر الإصابة بالخرف، وتشمل عوامل مرتبطة بنمط الحياة مثل التدخين والسمنة، وعوامل صحية مثل ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري، وعوامل بيئية مثل تلوث الهواء، وعوامل اجتماعية مثل العزلة الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، تشمل العوامل الأخرى فقدان البصر وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم. من خلال معالجة هذه العوامل، يمكننا تقليل خطر الإصابة بالخرف وتحسين نوعية الحياة لكبار السن.
دواء فعال لمرض الخرف..متى؟
رغم الجهود المبذولة على مدى عقود والإنفاق المالي الضخم، لم يتوصل العلماء إلى دواء فعال لمرض الخرف. ومع ذلك، شهد العام الماضي تقدمًا ملحوظًا مع الموافقة على عقاري ليكانيماب ودونانيماب لعلاج الزهايمر في الولايات المتحدة. يستهدف هذان العقاران بروتيني تاو وبيتا أميلويد اللذين يرتبطان بتطور المرض، ولكن فوائدهما محدودة وترافقها آثار جانبية، كما أنها باهظة الثمن. وعلى النقيض من ذلك، رفض الاتحاد الأوروبي الموافقة على عقار ليكانيماب ولا يزال يدرس عقار دونانيماب.
يرى بعض الباحثين أن هذه العقارات تمثل خطوة أولى نحو تطوير علاجات أكثر فعالية، بينما يفضل آخرون التركيز على الوقاية من المرض من خلال معالجة عوامل الخطر. أكد مسعود حسين، طبيب الأعصاب بجامعة أكسفورد، أن التركيز على عوامل الخطر أكثر فعالية من حيث التكلفة.
حظيت الدراسة التي نشرتها مجلة لانسيت بترحيب واسع من الخبراء، حيث يؤكد الكثيرون على أهمية الوقاية من الخرف. ومع ذلك، حذر البعض من المبالغة في تقييم إمكانية الوقاية من نصف الحالات، مشيرين إلى أن العلاقة بين عوامل الخطر والمرض ليست مباشرة دائمًا. فهل يمكن أن يكون للاكتئاب دور في التسبب بالخرف؟ كما أن فصل تأثير هذه العوامل عن بعضها البعض أمر صعب، خاصة أن بعضها مترابط بشكل وثيق مثل الاكتئاب والعزلة أو التدخين وارتفاع ضغط الدم.
إن العديد من عوامل الخطر المرتبطة بالخرف هي في الأساس تحديات اجتماعية أثبتت صعوبة معالجتها بشكل كامل. تتضمن توصيات الدراسة مجموعة متنوعة من التدابير، بدءًا من التوصيات الشخصية كارتداء الخوذة أثناء ركوب الدراجات ووصولاً إلى السياسات الحكومية لتحسين فرص التعليم.
يرى تشارلز مارشال، طبيب الأعصاب بجامعة كوين ماري في لندن، أنه من الصعب القضاء تمامًا على عوامل الخطر هذه. وتقول تارا سبايرز جونز، عالمة الأعصاب بجامعة إدنبرة، إنه من المهم عدم تحميل المصابين بالخرف مسؤولية مرضهم، حيث تؤثر عوامل وراثية وعوامل بيئية خارجة عن إرادتهم، مثل فرص التعليم في الطفولة، بشكل كبير على خطر الإصابة بالمرض.”