كشفت دراسة أميركية حديثة عن أمل لمرضى متلازمة القولون العصبي (IBS)، مشيرةً إلى أن حمية البحر الأبيض المتوسط قد تكون حلاً غذائيًا فعالًا لتخفيف أعراضهم المزعجة. هذه النتائج، التي نُشرت مؤخرًا في دورية “Neurogastroenterology & Motility” بواسطة باحثين من جامعة ميشيغان، تفتح الباب أمام بديل أكثر مرونة وأقل تقييدًا مقارنةً بالحميات الشائعة الأخرى.

تحديات القولون العصبي والحميات الغذائية
تُعد متلازمة القولون العصبي اضطرابًا هضميًا مزمنًا يؤثر بشكل كبير على جودة حياة المصابين، ويتميز بآلام في البطن، وانتفاخ، وتغيرات في عادات الأمعاء (إسهال، إمساك، أو تناوب بينهما). نظرًا لتأثيرها السلبي، يفضل العديد من المرضى تعديل النظام الغذائي كخط دفاع أول قبل اللجوء إلى الأدوية.
في السنوات الأخيرة، برزت حمية “الفودماب” المنخفضة (Low-FODMAP diet) كخيار علاجي شائع. تستهدف هذه الحمية تقليل تناول الكربوهيدرات القابلة للتخمير التي تهيج الأمعاء وتفاقم الأعراض. وتشمل الأطعمة التي تُقلل في هذه الحمية التفاح، الكمثرى، والثوم، والبصل، والبقوليات، ومنتجات الألبان الغنية باللاكتوز. ورغم فعاليتها المثبتة لدى أكثر من نصف المرضى، فإن حمية “الفودماب” تُعتبر شديدة التقييد، وقد تؤدي إلى نقص في بعض العناصر الغذائية إذا لم تُطبق بإشراف دقيق.
دراسة مقارنة: البحر الأبيض المتوسط مقابل “الفودماب”
لتقييم مدى فعالية حمية البحر الأبيض المتوسط، تابع الباحثون 26 مريضًا بالقولون العصبي، تم تقسيمهم إلى مجموعتين على مدار أربعة أسابيع. اتبعت المجموعة الأولى حمية البحر الأبيض المتوسط، بينما التزمت الثانية بحمية “الفودماب”.
تعتمد حمية البحر الأبيض المتوسط على استهلاك كميات كبيرة من:
- الخضراوات والفواكه الطازجة.
- الحبوب الكاملة.
- المكسرات والبقوليات.
- زيت الزيتون كمصدر رئيسي للدهون الصحية.
- الأسماك والمأكولات البحرية بانتظام.
- مع تقليل استهلاك اللحوم الحمراء والدهون المشبعة.

النتائج الواعدة
أظهرت الدراسة تحسنًا ملحوظًا في الأعراض لكلتا المجموعتين:
- 73% من المرضى في مجموعة حمية البحر الأبيض المتوسط حققوا تحسنًا وفقًا لمعيار إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، والذي يُعرّف بتحسن بنسبة 30% أو أكثر في شدة آلام البطن.
- في المقابل، بلغت نسبة التحسن في مجموعة “الفودماب” 81.8%.
سهولة التطبيق مقابل الفعالية المطلقة
في المقابل، تُعد حمية البحر الأبيض المتوسط بديلاً صحيًا وسهل التطبيق، وتعتمد على أطعمة طبيعية ومتوازنة. إضافة إلى ذلك، هي معروفة بفوائدها الصحية الواسعة للقلب والدماغ، مما يجعلها خيارًا جذابًا على المدى الطويل.
على الرغم من أن حمية “الفودماب” أظهرت فعالية أعلى نسبيًا في هذه الدراسة، فإن الباحثين شددوا على أنها مكلفة ومعقدة، وتتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين، وقد تسبب اضطرابًا في العلاقة مع الطعام أو نقصًا في المغذيات.
يأمل فريق البحث أن تمهد هذه النتائج الطريق أمام أبحاث أوسع لمقارنة فعالية حمية البحر الأبيض المتوسط والحميات التقييدية الأخرى على المدى الطويل، بهدف توفير خيارات غذائية أكثر تنوعًا وراحة لمرضى متلازمة القولون العصبي.