قوله تعالى: }وجعلنا الليل لباسًا وجعلنا النهار معاشًا{ سورة النبأ آية 10-11 واللباس في اللغة هو ما يلبس على الجسم من ثياب بغرض الحماية والوقاية من برد الشتاء وحر الصيف، أي أن وظيفة اللبس هي الوقاية.
وأما أن يكون الليل وقاية وحماية للجسم البشري فذلك معلوم طبيًا، حيث إن الله سبحانه وتعالى جعل ميكانيكيات ليلية داخل الجسم لإعادة نشاطه والتخلص من المواد الضارة الناتجة من الهضم والأيض طوال النهار ومعالجة الشوارد الحرة الناتجة من ذلك والتي لها تأثير هدام على الجسم في إحداث الشيخوخة المبكرة وتصلب الشرايين.
وأهم هذه الميكانيكات هو إفراز هرمون الميلاتونين من الغدة الصنوبرية في المخ والذي يفرز أول الليل عندما يتحول المجال المغناطيسي للكرة الأرضية من الموجب بفعل ضوء الشمس إلى السالب فعل الظلام.
وعندما يتم إفراز كمية مناسبة من هذا الهرمون الهام الذي يقاوم الشيخوخة ويضاد حدوث السرطان ويضبط إفراز موصلات الأعصاب في الجسم فإن الليل يكون بذلك سترًا وحماية لجسد الإنسان.
وأما قوله تعالى: }وجعلنا النهار معاشًا{ فلغويًا أيضًا العيش هو الحياة. وقد «عاش» يعيش «معاشًا»، والمعاش يصلح أن يكون اسمًا كما يكون مصدرًا أي بمعنى حياة ونشاط وحركة، كما في قوله تعالى: }وجعل النهار نشورًا{ أي حركة ونشاطًا، والنشاط والحركة في النهار تؤدي أيضًا إلى كسب الرزق فتكون الحياة ميسورة وبدونه تتوقف الحياة تقريبًا.
وضوء النهار يؤثر على الجهاز العصبي المركزي في الإنسان بما يؤدي إلى إفراز هرمونات الحركة والحيوية مثل هرمون الكورتيزون والثيروكسين، كما يؤدي إلى إفراز موصلات الأعصاب الهامة مثل السيرتونين بما ينشط الجسم ويجعله قابلًا للحركة والعمل.
والذين يخالفون أمر الله في جعل الليل سكنًا وراحة والنهار معيشة وحركة يفقدون الميزات التي وضعها الله في الجسم لمساعدته على أداء مهامه في الحياة، وبذلك يتعرضون إلى العديد من الأمراض العضوية والنفسية.
أ.د.أحمد محمد محمود حاني
أستاذ الصحة العامة والطب الوقائي