في العهود الغابرة، كان الشم من أكثر الحواس أهمية للإنسان، ولكن في العصور الحديثة قلت أهميته، فقد تمر فترات طويلة دون أن نشم رائحة من أي نوع، بينما تكتظ رؤوسنا بصور وأشكال وأصوات لا حصر لها.
مقولة صائبة
يبرهن فقدان الإحساس بالشم على صواب مقولة «أنك لا تعرف قيمه ما تملك إلا حين افتقاده»، فعندما يفقد أحدهم حاسة الشم، فإن أول ما يلاحظه أن الغذاء أضحى بالنسبة له أقل طعمًا. وقد يعتقد مثل هذا الشخص بأن براعم التذوق لديه ماتت.
ولأن التذوق هو العلامة المرافقة للشم، فإنه عندما يختفي الطعم فإن فقدان الشم هو العامل الأكبر في ذلك.
ويكون فقدان الشم أحيانًا خطيرًا، إذ إن المصابين به قد لا ينتبهون إلى وجود الحريق في المنزل بسبب عدم شم رائحة الدخان، مما قد يتسبب في تفاقم الوضع لا قدر الله.
أهم الأسباب:
قد يكون سبب ضعف أو انعدام حاسة الشم عضويًا بتجويف الأنف أو نتيجة عيب في الغشاء المخاطي الشمي أو الأعصاب المغذية لهذا الغشاء، وقد تكون أسباب من داخل الدماغ:
– أسباب عضوية بالأنف مثل اعوجاج الحاجز الأنفي أو حساسية الأنف أو لحمية الأنف.
– الاستخدام المفرط لنقط الأنف الموضعية.
– عادات سيئة مثل استخدام عصير الليمون كنقط للأنف لعلاج نزلات البرد، إذ يؤدي إلى تلف نهايات عصب الشم ومن ثم فقدان الشم الدائم، فضلاً عن زيادة التهاب الأنف.
– العدوى بالأنفلونزا، تسبب ضمور الأعصاب المغذية للغشاء المخاطي الشمي.
– أورام الجزء العلوي من تجويف الأنف، تتسبب في فقدان حاسة الشم.
– السن، حاسة الشم مثلها مثل باقي الحواس تزداد ضعفًا مع تقدم العمر.
– الأورام التي تصيب المراكز المسؤولة عن حاسة الشم بالمخ أو الموصلة إليها، قد تتسبب في فقدان حاسة الشم.
– الصدمات التي تتعرض لها الجبهة ومرض الصرع الناتج من مركز الشم بالجسم.
– مرض نفسي مثل التوهم بوجود تغيير في رائحة الأشياء المعروفة أو الهلوسة.
تشخيص الاضطرابات
يعتمد على معرفة التاريخ المرضي بدقة، مع الإحاطة بالأحداث المصاحبة لبداية الشعور بضعف الشم أو فقدان الإحساس به.
وهناك اختبارات متعددة، أهمها الأشعة المقطعية على المنطقة الشمية بالتجويف الأنفي وقاع الجمجمة والمخ للتأكد من عدم وجود أورام حميدة أو غير حميدة بعد استبعاد الأسباب الأخرى التي قد تكون مسؤولة عن ضعف أو انعدام حاسة الشم.
علاج الاضطرابات
إذا تبين أن السبب هو اعوجاج الحاجز الأنفي أو لحمية الأنف فإن التدخل الجراحي هو الأنسب وتكون عودة حاسة الشم في هذه الحالة شبه أكيدة.
أما إذا كان السبب هو حساسية الأنف، فإن العلاج المناسب هو استخدام العلاج الدوائي والمناعي (الفاكسين) لعودة حاسة الشم. لكن في حالة كون السبب عصبيًا، بعد استبعاد المسببات الأخرى فمن الصعوبة عودة حاسة الشم.
د. محمد الحفناوي – استشاري الأنف والإذن والحنجرة