الصحة والغذاء

“ثورة الغذاء الجديدة”.. حمية مثيرة للجدل

  من أكثر الموضوعات التي تثير جدلاً على المواقع والمنتديات العالمية المتخصصة، تلك التي تدور حول آخر تقاليع الحميات، خاصة ما يعرف بـ(حمية البروتين المرتفع)، التي تؤكد أن الالتزام بحمية غذائية عالية المحتوى من البروتين كفيلة بفقدان الوزن.

 ومن أشهر الكتب التي تروج لحمية عالية المحتوى من البروتين كتاب (ثورة الغذاء الجديدة، New Diet Revolution)، وهو من تأليف روبيرت آتكينس (Robert Atkins) التي ابتدع هذه الحمية المثيرة للجدل.

سبب الشهرة

كثير من الناس مستعدون لعمل أي شيء من أجل خسارة أوزانهم الزائدة أو بعضها، على أمل التحسين من صحتهم. من هنا، فإن أي فرصة يجدونها لعمل شيء يحقق لهم هذا الهدف يجعلهم يرحبون بها بل يتشبثون بها، خصوصًا إذا كانت حمية لا تتطلب كثير جهد. وهو في الواقع ما تعد به حمية البروتين  العالي.

الحمية عادة يتم الترويج لها على أنها حمية فريدة، بل ربما تتضمن أسرار التخسيس التي لم تكتشف بعد. وذلك كله راجع إلى تأثير البروتين العجيب الذي يجعل من كل الوصايا السابقة حول الحمية والصحة قديمة.

على سبيل المثال يزعم المؤلف أن المشكلة مع الوزن والصحة، خصوصا أمراض القلب، هي أن تناول الكربوهيدرات الكثيرة تستحث الجسم على إنتاج بعض الهرمونات بشكل مفرط، وتؤدي إلى إنتاج (الإيكوسانويدات) بمستويات تضر بالجسم.

ويمكن الرد على بعض من مزاعم حمية البروتين العالي (المنخفض الكربوهيدرات) كالتالي:

  الزعم الأول: الدسم (الدهون) لا تتسبب السمنة. فرغم أن الناس أصبحت تتناول دهنًا أقل، إلا أن السمنة تزداد فيما بينهم.

الرد: عادة ما يتم تناول كميات من الدهون مساوية للكميات التي كان يتم استهلاكها من قبل. وزاد عليها تناول كميات أكبر من الدقيق المكرر والسكر المكرر. بمعنى آخر (نسبة) الدهون أقل من ذي قبل بسبب زيادة الكربروهيدرات التي يتم تناولها، ولكن (كمية) الدهون المطلقة ما زالت هي نفسها. أي أن سبب السمنة هي الكمية العالية من الدهون التي نتناولها بالإضافة إلى السعرات الزائدة المستخلصة من الكربوهيدرات المكررة.

 الزعم الثاني: حمية عالية الكربوهيدرات قد تعرض حياة المصاب بمرض قلبي إلى الخطر لأنها هي (وليست الدهون) تؤدي إلى زيادة الكولسترول في الدم والجلسريدات الثلاثية.

الرد: صحيح إن الجلسريدات تزداد مع زيادة المستهلك من الكربوهيدرات المكررة، لكن ذلك يحدث عندما نتناول كميات «زائدة» عن حاجتنا من الكربوهيدرات. ولكن الشخص العادي (الذي لا يخضع لتجربة خاصة تجعله يتناول كميات زائدة)، عندما ندعه يتناول كمية من الطعام حتى يشبع فقط، مع مراعاة كمية الدهون التي يتناولها ثم نقيد كمية السعرات التي يستهلكها، فإن كمية الكولسترول السيئ (LDL) والجلسريدات الثلاثية تنخفضان. وبالنسبة لمريض القلب فإن الالتزام بحمية قليلة الدهون ومحددة السعرات (ومنها الكربوهيدرات) وخالية من الكولسترول كفيل بأن يقيه من أي خطر.

  الزعم الثالث: الأرز يعني مزيدًا من أمراض القلب. فالصينيون يتناولون الكثير من الكربوهيدرات (الأرز) في غذائهم، وتنتشر بينهم نسب الإصابة بأمراض القلب.

الرد: أمراض القلب ليست بالضرورة مساوية لأمراض الدورة الدموية عمومًا، وفي الصين فإن نصف حالات الوفاة من أمراض الدورة الدموية هي نتيجة سكتات دماغية (بسبب الشيخوخة والإفراط في تناول الملح) وليست لها علاقة بالسكتات القلبية. ثم إن أرقام أمراض الدورة الدموية في الصين تعكس الحمية الغذائية الصينية (الحديثة)، عالية المحتوى من الكولسترول والدهن.

 الزعم الرابع: الدهون تحسن من الأداء الرياضي. فالدهن كمصدر للطاقة أفضل للرياضيين من الكربوهيدرات التي تقيد من أداء الرياضي الذي يمارس رياضة عالية التحمل.

الرد: الحقيقة غير ذلك. فالدهن لا يصبح مصدرًا أساسًا للطاقة إلا بعد أن يصل الرياضي إلى 70% من سعته التنفسية، وهي السعة التي ينافس ويتدرب عندها معظم الرياضيين. وحيث إن الدهن لا يتوفر مصدرًا للطاقة إلا بعد أداء 20 دقيقة من الرياضة، فإن معظم الناس لا تتدرب بالقوة التي تجعل الدهن يُستهلك. علما بأن الدراسات كشفت عن أن تناول الكربوهيدرات قبل وأثناء المباراة تحسن بالفعل من أداء الرياضي.

الزعم الخامس: البروتينات تحافظ على مستوى مناسب من الأنسولين في الدم، لأن البروتينات توازن الكربوهيدرات التي نأكلها فيبقى الأنسولين عند تركيز ملائم.

الرد: لا توجد بحوث تدل على أن تناول كميات متساوية من البروتين والكربوهيدرات في كل وجبة يخفض من الأنسولين. بل إن النتائج تشير إلى أن تناول البروتين وحده– دون الكربوهيدرات- يرفع من إفراز الأنسولين، وأن تناول اللحم المفروم (مثلاً) مع الجلوكوز يرفع مستوى الأنسولين في الدم بنسبة تصل إلى ضعف مستواه عند تناول الجلوكوز وحده و4 أضعافه، مقارنة بتناول اللحم المفروم وحده. بل إن التزام الشخص المصاب بالسكري من النوع الثاني بحمية عالية الكربوهيدرات ومنخفضة الدهون مع ممارسة رياضة، كفيلة بخفض الأنسولين إلى مستويات مميزة.

الزعم السادس: الإيكوسانويدات هي مفتاح كل شيء. ويمكن اعتبار أمراض مثل القلب أو سرطان أو سمنة أو مرض أصاب الجهاز المناعي، اختلالاً في توازن الإيكوسانويدات (Eicosanoids). وإن تناول 3 جرامات من البروتين يوميًا مقابل كل 4 جرامات من الكربوهيدرات من شأنه أن يحافظ على الاتزان الطبيعي لهذه البروتينات.

الرد: لم يتم حتى الآن قياس تركيز (الإيكوسانويدات) في جسم الإنسان، وبالتالي لا نعرف ردود فعلها الحقيقية أثناء تناول الإنسان للطعام. بل إننا لا نرى أهمية الحفاظ على هذا الميزان لجسم الإنسان. أي أن من يروج لفكرة ميزان الإيكوسانويدات، يبيع فكرة لا أساس لها.

د. ماكدوغال (Mcdougall .Dr) –  خبير تغذية

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم