قد يسأل البعض: هل ينبغي علينا استبعاد الأسماك من نظامنا الغذائية بسبب احتوائها على آثار من ميثيل الزئبق؟
الإجابة هي النفي بالتأكيد؛ حيث تعتبر الأسماك مصدرًا ممتازًا للبروتينات منزوعة الدسم والفيتامينات والمعادن. كما أثبتت الأبحاث العلمية أن الأحماض الدهنية أوميجا- 3 التي توجد في الأسماك الدهنية بصفة خاصة تساعد من بين جملة أشياء في الحد من خطر الإصابة بأمراض القلب وتخفيف آلام التهاب المفاصل. وتشير هيئة الغذاء والدواء الأمريكية إلى أن الالتزام بالتوصيات الغذائية لتناول الأسماك تنأى بأصحابها عن مخاطر التسمم بالزئبق.
ويتمثل أهم هذ التوصيات في الاعتدال في تناول الأسماك، وتوصي جمعية الحمية الغذائية الأمريكية بتناول من وجبتين إلى ثلاث وجبات من الأسماك أسبوعيًا. وتجنب تناول الأنواع كبيرة الحجم قدر الإمكان مثل: القرش وسياف البحر والأسقمري والتايلفيش.
وتناول مجموعة متنوعة من الأسماك والمأكولات البحرية بدلًا من التركيز على نوع واحد.
وهناك 10 أسماك تعتبر آمنة من حيث محتواها من ميثيل الزئبق، وتشكل حوالي 80% من سوق المأكولات البحرية هي: التونة المعلبة والقرديس (الجمبري) وسرطان البحر وأسماك السلمون والبولوك والقد والسلور (القرموط) والأسماك الصدفية والأسماك المفلطحة والأسقلوب (محار مروحي الشكل)؛ حيث تعتبر معدلات ميثيل الزئبق في هذه الأنواع عادية ولا تزيد نسبتها فيها عن 0.2 جزء في المليون.
وللأطفال والحوامل توصيات غذائية خاصة فيما يتعلق بتناولهم الأسماك؛ حيث إن الطفل أكثر تأثرًا بمركب ميثيل الزئبق نظرًا لصغر حجم جسمه، كما يتأثر الجهاز العصبي للجنين سلبيًا لآثار الجرعات العالية من ميثيل الزئبق.
لهذا السبب أوصت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية بألا يزيد معدل تناول الأطفال والحوامل والنساء اللاتي في سن الحمل للأسماك التي تحتوي على محتوى منخفض من الزئبق عن 340 جرام أسبوعيًا. وأن يتم تجنب الأسماك التي تحتوي على أعلى معدلات من ميثيل الزئبق. أما الأسماك التي تحتوى على كميات مرتفعة من ميثيل الزئبق فلا تزيد عن 3 حصص شهريًا تبلغ نحو 170 جرامًا شهريًا لكل حصة.
وترفض هيئة الغذاء والدواء الأمريكية طلبات إدراج التونة على قائمة «الأغذية التي ينبغي عدم تناولها» إذ أن معدلات ميثيل الزئبق فيها أقل بكثير من معدلاته في الأسماك المفترسة الكبيرة. لكن يفضل بصفة خاصة الاعتدال في تناول التونة وشراء لحم التونة الخفيف بدلاً من التونة البيضاء أو البكورة (سمك بحري كبير) المرتفعة الثمن لأن التونة البيضاء تحتوي 4 أضعاف مادة الزئبق مقارنة بغيرها.
وهناك نصائح أخرى تساعد على تقليل مخاطر كميات ميثيل الزئبق التي قد تصل لجسم الإنسان منها تناول التفاح الأحمر، فهو أغنى أنواع التفاح بمادة البكتين القابل للذوبان في الماء، حيث يذوب في الجسم معطيًا هلامًا لزجًا داخل الأمعاء ويلتصق هذا الهلام بالمواد السامة التي تشكل ضررًا، مانعًا الجسم من امتصاصها، وفي نفس الوقت يجعل الجسم يمتص العناصر الغذائية على نحو أفضل، ويوجد مستحضر من البكتين يباع في محلات الأغذية.
وينصح كذلك بالإكثار من تناول البيض أو الثوم لأن مادة الكبريت الموجودة في بياض البيض لها قدرة عجيبة على التفاعل مع مادة الزئبق في جسم الإنسان وتخليص الجسم منها.
وذكرت دراسة حديثة أجريت على الحيوانات ونشرت في مجلة علم السمية العصبية وعلم التشوهات الخلقية أن تناول جرعات من مكملات فيتامين هـ والسلينيوم معا يفيد في التخفيف من سمية الزئبق الموجود في الأسماك، وهو ما يمثل بشارة سارة للحوامل اللواتي يرغبن في تناول المزيد من الأسماك الدهنية وإفادة أجنتهم بمحتواها من الأحماض الدهنية أوميجا -3.
م. أمجد قاسم
أخصائي في الكيمياء الصناعية