كيف يفسر أساتذة وخبراء التغذية ميل بعض الأشخاص لتناول كميات هائلة من الأطعمة وخاصة في البوفيهات المفتوحة؟
د.سحر عثمان، أستاذ التغذية بقسم التغذية وعلوم الأطعمة ، رجحت أن يكون ذلك النهم ناتجًا عند بعضهم من مرض البوليميا (Bulimia)، وهو مصطلح يعني مرض شراهة الأكل أو إدمان الأكل. ويقوم مريض البوليميا بالتهام كمية غير طبيعية من الطعام، دون إدراك أو وعي لخطورة الوضع ودون مراقبة.
وذكرت د.سحر عثمان أن بعض الأشخاص يأخذ كميات كبيرة من الطعام تزيد على حاجته حتى لا يضطر إلى الذهاب للبوفيه مرة ثانية، أو خوفًا من انتهاء كمية الطعام الموجودة على البوفيه، خاصة المحببة إليه. واعتبرت أن نتيجة ذلك قد تكون إهدار كميات كبيرة من الطعام يتم إلقاؤها في سلة المهملات، واصفة ذلك بأنه «خسارة اقتصادية»، فضلاً عن مخالفته لتعاليم الإسلام الذي يحثنا على عدم الإسراف.
أما، د.خالد المدني، استشاري التغذية العلاجية، ، فأرجع السبب إلى تعامل بعض رواد البوفيه المفتوح مع هذه الموائد على أنها «عملية تجارية واقتصادية بحتة»، وأوضح أن تناول الطعام في البوفيه المفتوح يكون عادة نظير قيمة معينة، ويحاول المستهلك استرداد هذه القيمة ولو على حساب صحته. فضلاً عن أن الشخص الذي يتناول طعامه في البوفيه المفتوح، قد لا يستطيع عادة التحكم في كمية الطعام التي يتناولها فيتناول كميات كبيرة؛ «لأن الأكل له بريقه وجاذبيته».
مؤيد.. معارض
ويختلف الخبراء في موقفهم من تناول الطعام في البوفيه المفتوح ما بين مؤيد ومعارض، ولكل منهم مبرراته.
د.ناصر إبراهيم أبو النجا، أستاذ التغذية ، رأى أن خدمة البوفيه المفتوح ليست ضارة في حد ذاتها، وإنما سلوكيات بعض الأشخاص نحوها هو ما يجعلها ضارة أو مفيدة. وأوضح أن هناك من يذهب لموائد البوفيه المفتوح وفي نيته تناول غذاء صحي والاستمتاع بجو المكان وتنوع الأطعمة، وفي هذه الحالة تكون هذه الخدمة مفيدة. وهناك فئة أخرى تعتبر البوفيه المفتوح فرصة لتناول كميات كبيرة من الطعام، وفي هذه الحالة تكون تلك التخمة ضارة؛ حيث تؤثر على صحة الفرد خاصة إذا كان مقيمًا لمدة طويلة في فندق يقدم خدمة البوفيه المفتوح في الوجبات الثلاث: الفطور والغداء والعشاء.
ولذلك فإن د.سحر عثمان لا تفضل من جانبها تناول الطعام في البوفيه المفتوح، وتفضل في حال اتخاذ قرار تناول الطعام مع أسرتها خارج المنزل، أن تتناوله في مطعم يعمل بنظام القائمة، مشيرة إلى أن ذلك يمنحها وأسرتها حرية اختيار الأطباق التي يحبونها دون أن يفرض عليهم أحد أطباقًا معينة.
لكنها رأت أن نظام البوفيه المفتوح قد يكون مفيدًا في بعض الحالات، منها إذا كانت نزيلة في أحد الفندق التي تقدم خدمة البوفيه المفتوح؛ لأن ذلك سيوفر عليها مشقة البحث عن مكان يوفر لها الوجبات اليومية.
أما د.خالد المدني، فيعتبر واحدًا من أشد المعارضين لتناول الطعام في البوفيهات المفتوحة. وبرر معارضته بعدة أسباب منها: أن الشخص الذي يتناول طعام في البوفيه المفتوح لا يستطيع عادة التحكم في كمية الطعام التي يتناولها، بخلاف تناول الطعام بنظام القائمة حيث يتحكم الفرد في نوعية الأطباق التي يتناولها وكميتها.
كما تمثل الطريقة المتبعة في عرض الأطعمة في البوفيه المفتوح مشكلة صحية؛ حيث يفترض ألا تزيد فترة عرض الطعام خارج الثلاجة عن ساعتين، بينما تزيد هذه الفترة في البوفيه المفتوح عن الثلاث ساعات، وهو ما يجعل الطعام عرضة للتلوث، والتسبب في حدوث التسمم الغذائي. ويرى د.المدني أن التلوث قد ينتج من المتعاملين مع البوفيه فكلهم يستعملون نفس أدوات غرف الطعام.
احذروا هذه الأضرار
وقد سألنا خبراء التغذية عن الأضرار الصحية الخطيرة التي قد تحدث بسبب إفراط البعض في تناول الطعام في البوفيهات المفتوحة.
ورأى د.ناصر أبو النجا، أن طعام هؤلاء قد يكون غير متوازن؛ لأنه يركز على الأكلات غالية الثمن، ويهمل الأكلات منخفضة الثمن، فيركزون مثلًا على اللحوم والأسماك ويهملون السلطات أو الخضراوات. فضلاً عن أن تناول كمية كبيرة من الطعام قد يؤدي إلى إصابة الشخص بسوء هضم.
وحذر د.خالد المدني من أضرار تناول كميات كبيرة من اللحوم لفترات طويلة؛ حيث يتحلل البروتين في الجسم، ويخرج في صورة مواد تتركز في الكلى، ويستطيع الجسم التعامل معها بكميات محدودة، لكن عند زيادتها؛ نتيجة الإفراط في تناول اللحوم، يشكل ذلك عبئًا كبيرًا على الكلى. كما قد يشكل تناول كميات كبيرة من اللحوم خاصة الحمراء، مشكلة لبعض الناس الذين لديهم استعداد لترسب بعض الأحماض مثل اليوريك في أجسادهم. فضلاً عن أن هضم البروتين يعتبر مرهقًا للجهاز الهضمي بصفة عامة؛ حيث يحتاج لوقت طويل، ويحتاج إلى العديد من الإنزيمات.
أما د.سحر عثمان، فتذكر أن الإفراط في تناول الطعام قد يشكل ضغوطًا زائدة على الجهاز الهضمي بصفة عامة، وعلى المعدة والقولون بصفة خاصة، كما لا يستطيع الجهاز الهضمي هضم وتمثيل وامتصاص كل هذه الكميات من الطعام فلا يستفيد من قيمتها الغذائية بشكل جيد.وعلى المدى البعيد، قد تنتج عن شراهة الأكل، وخاصة الإفراط في تناول الأطعمة عالية السعرات الحرارية إلى الإصابة بالسمنة التي تقود بدورها إلى أمراض كثيرة جدًا منها: أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري من النوع الثاني وبعض أنواع السرطان.