تُعدُّ المناعة القوة التي يكتسبها الإنسان ليقاوم العدوى ويتغلب عليها، وهي دفاع الجسم البشري ضد غزو الكائنات العضوية التي تسبب المرض، ويؤدي ضعفها إلى الإصابة بالأمراض ربما من أول بادرة فضلاً عن طول فترة التعافي منها، خاصة أمراض البرد والأنفلونزا، ما يعني أهمية الانتباه للعناية بالصحة العامة، وتقوية مناعة الجسم.
تتنوع المناعة في جسم الإنسان ما بين مناعة طبيعية Natural immunity وأخرى مكتسبة Acquired immunity، ومن وسائل المناعة الطبيعية الجلد والأغشية المخاطية حيث تشكل حاجزًا يعترض دخول العوامل المسببة للأمراض، طالما أنها سليمة .كما أن الفوهات الطبيعية كالأنف والفم والأذن هي طرق تسلكها الجراثيم للدخول إلى الجسم، لولا وجود الأغشية المخاطية والأهداب التي تغطيها وتقف حائلاً أمامها.
ثم إن الأحماض الدهنية التي يفرزها الجلد، وحموضة المعدة، والخمائر التي توجد في دمع العين، وفي سوائل الجسم الأخرى لها القدرة على الفتك بالجراثيم التي تحاول غزو الجسم.
وبعد أن تتخطى الجراثيم حواجز الدفاع السابقة والموجودة في مداخل الجسم وتصل إلى الدم والأنسجة، يقوم نوعان من خلايا الدم البيضاء بوظيفة البلعمة) أي تحيط بالجراثيم وتبتلعها ثم تفتك بها، وتحللها وتعدمها داخل الخلية).
التحصين مهم
عند تعرض الجسم لجرثومة أو فيروس معين لأول مرة يتم (خلال عملية البلعمة) التعرف على جميع خواص الجرثومة من قبل خلايا المناعة (الخلايا الليمفاوية)، ويتم تكوين وإفراز أجسام مضادة نوعية antibodies لهذه الجرثومة بواسطة أحد أنواع الخلايا الليمفاوية، فيما تقوم خلايا أخرى تسمى بـ(خلايا الذاكرة) باكتساب ذاكرة للخواص المميزة لتلك الجرثومة، فتصبح جاهزة لتكوين وإفراز أجسام مضادة بكميات كبيرة وبسرعة إذا ما تعرض الجسم لتلك الجرثومة مرة أخرى. لذا، فإن التحصين بواسطة اللقاحات يعتبر طريقة آمنة لتعريض الجسم لمسببات الأمراض، وبالتالي اكتساب المناعة ضدها.
مناعة المواليد!
ينتقل المولود فجأة إلى بيئة جديدة لا تؤمن له نفس الراحة والحماية التي كان ينعم بها وهو في داخل الرحم، فيأتي إلى هذا العالم مسلحًا بمناعة شبيهة بمناعة أمه، لكن تلك المناعة الطبيعية التي انتقلت إليه من أمه بواسطة المشيمة لا تقيه من الأمراض إلا لفترة من الزمن لأنها تزول خلال الأشهر الأولى من حياته، ويصبح بدون مناعة وعرضة للأمراض. ومن المسلم به أنه إذا توفر للطفل التلقيح المبكر فإنه يستطيع أن ينتج أجساماً مضادة، فالأجسام المضادة المنتقلة من الأم إلى المولود تحدث مفعولاً جزئيًا مانعًا يؤثر على تشكيل الأجسام المضادة الناتجة عن التلقيح، وهذا المفعول الجزئي لا يمنع جهاز الطفل نفسه من إنتاج الكفاية من الأجسام المضادة الفاعلة.
ويثير التلقيح في سن مبكرة ابتداءً من الشهر الأول حس الطفل إلى الجرعات المنبهة الأخرى من اللقاح أو إلى غزوة لاحقة من الجراثيم، وهناك عدد من أمراض الطفولة يمكن الوقاية منها عن طريق التلقيح.
الوقاية من الأمراض
وعلى ذلك، فإن الطريق الأفضل لمنع حدوث عدد من الأمراض مثل: الحصبة، والنكاف، والحصبة الألمانية، والالتهاب الكبدي الوبائي (ب)، وجدري الماء (عنكز)، والسعال الديكي، والكزاز، والدفتيريا، وشلل الأطفال، وأمراض أخرى؛ هو التأكد من أن الطفل يتلقى التحصين الملائم، في أغلب الحالات تعطى التطعيمات بشكل حقن، ويلزم عدة حقن للحماية الكاملة، وتمتد الفترة التي يتم تطعيم الأطفال خلالها منذ الولادة إلى عمر سنتين، فيما تحتاج بعض الأمراض إلى جرعات منشطة بين الأعمار 4 و 6 سنوات والأعمار 11 و 12 سنة.
وفي الغالبية العظمى من الحالات لا تسبب التطعيمات آثارًا جانبية شديدة، لكن بعضها ربما يسبب بعض الألم البسيط، والورم في موقع الحقن، لكن الإصابة بأمراض مرحلة الطفولة الخطيرة تُعدُّ أخطر بكثير من تعرض الطفل لعرض جانبي ناتج عن التطعيم.