هناك جنس من الفطريات لديه قدرة على تحويل مخلفات الأرز والقصب وغيره من النباتات إلى أنواع جيدة من البروتين… إنه فطر عيش الغراب (المشروم)، ومن أنواعه المأكولة، فطر (Agaricuscampestris) الذي يعيش على بقايا الأشجار في الأماكن الرطبة والظليلة.
وتحتوي الفطريات البازيدية (Basidiomycota)، على أكثر من 550 جنسًا، ينضوي تحتها أكثر من 15 ألف نوع، بعضها رمي يعيش على بقايا الكائنات الحية المتحللة، وبعضها الآخر متطفل يعيش متطفلًا على بعض الكائنات الحية الأخرى. وتتميز بتركيب صولجاني الشكل يسمى البازيديوم، الذي يحمل الجراثيم البازيدية.
ويتكون جسم عيش الغراب، من غزل خيط فطري خضري يعيش مطمورًا في الطبقة الدبالية أو الوسط الغذائي الذي ينمو عليه الفطر، وينتج هذا الخيط من الجراثيم البازيدية أحادية المجموعة الصبغية الناتجة من التكاثر الجنسي والانقسام الاختزالي للجراثيم.
وينتج الغزل الفطري أنزيمات خاصة لتحويل السليلوز المعقد إلى سكريات بسيطة غير معقدة، يتغذى عليها، كما يمتص المعادن والأملاح والمواد النيتروجينية من الوسط الغذائي الذي يعيش فيه.
ويعيش الغزل الفطري لعيش الغراب موسمًا واحدًا ثم يذبل بعد تكوين البازيديومات، والجراثيم البازيدية، والأجسام الثمرية الغنية بالروتين والتي تستخدم كغذاء فائق للإنسان. وفي بعض الأحيان يعمر الغزل الفطري إلى أعوام.
فوائد غذائية وصحية
يعتبر فطر عيش الغراب من الأطعمة ذات القيمة الغذائية المرتفعة؛ وكان يصنف ضمن الأطعمة الفاخرة، لكن نتيجة لارتفاع أسعار اللحوم، بدأ يندرج ضمن وجبات الطبقات الفقيرة وكضيف دائم وبديل للبروتين الحيواني المفقود. ويحتوي هذا الفطر على 45% من وزنه الجاف بروتينًا يشمل ما يتراوح بين 10 و 15 % أحماضًا دهنية أساسية، وهي أحماض أمينية لا يستطيع الجسم تخليقها بداخله، ويمرض إن لم توجد في الغذاء.
كما يتميز عيش الغراب بانخفاض نسبة الدهن فيه، حيث يحتوي على 1% من وزنه دهنًا، ويحتوي 30% أليافًا، ونسبة عالية من المعادن والفيتامينات مثل: الريبوفلافين، والنياسين، والثيامين، وحمض الأسكوربيك.
وفضلًا عن ذلك، توجد فوائد صحية عديدة لفطر عيش الغراب، حيث يفيد تناوله في خفض ضغط الدم، كما يحتوي الكالسيوم والحديد والفوسفور والنحاس ومواد تخفض الكولسترول في الدم، وهو منخفض السعرات الحرارية، ويصلح في خفض البدانة، والمحافظة على الصحة العامة.
طريقة خاصة للطبخ
ويحتاج إعداد عيش الغراب للأكل إلى طريقة طبخ خاصة حتى لا تُفقد قيمته الغذائية بالحرارة العالية. على سبيل المثال، يراعى طبخ المشروم بسرعة لسرعة فساده مثل السمك حتى في الأنواع ذات الجودة العالية. وعند التحضير للأكل، يجب تنظيف المشروم بدرجة كاملة والتخلص من الأجزاء غير القابلة للهضم مثل الحراشيف والزوائد والساق أو جزء منها. أما قمة الرأس فيجب الاحتفاظ بها؛ لأنها أكثر أجزاء المشروم رائحة ومذاقًا طيبًا وقيمة غذائية. ويجب عدم المبالغة في الغسيل، فيستخدم ماء نظيف بارد مرتين ويجفف بسرعة، وقد يضاف لماء الغسيل بعض الخل عند الضرورة.
وأفضل طرق طهي المشروم، هو أن يسلق نصف سلق أولاً، ثم يلقى ماء السلق، ويتم طهيه. ويراعى طهي الأنواع الغضة بدون سلق؛ حتى لا تفقد طعمها ورائحتها. ولكي يكون المشروم أفضل مذاقًا ورائحة، وأكثر قابلية للهضم ومغذيًا، يجب أن يكون الطبخ سريعًا، ويجب عدم تغطية الإناء في البداية؛ حتى يخرج معظم الماء الموجود في الخلايا، ثم تغطى بعد ذلك؛ للمحافظة على الطعم والرائحة العطرية. وهناك أنواع عديدة من المشروم تؤكل طازجة، أو يضاف إليها عصير ليمون مع الزيت والملح والفلفل وبعض الأعشاب العطرية. وبعض الأنواع تطهى على شواية أو على نار هادئة، وأخرى يجب طهيها على نار مفتوحة؛ لأنها لو طهيت في الوعاء تصبح شديدة الصلابة وغير قابلة للأكل.
د. نظمي خليل أبو العطا – أستاذ الفلسفة في العلوم (نبات)