السير حفاة جيد لكم، بحسب ما يقوله مرشد سياحي من الكيويين وهم سكان نيوزيلندا الأصليون، خلال تعريف المشتركين في الرحلة بـ”الاقتراب من الأرض”.
إن السير حفاة هي عادة لدى الكيويين لا يستطيع السياح الدوليون فهمها. كما أنها تجربة لا يستطيعون الاكتفاء منها، بحسب ما يوضحه أحد المرشدين السياحيين في أوكلاند.
هناك سؤال يهيمن على منتديات السياحة في نيوزيلندا وهو لماذا يسير بعض النيوزيلنديين في الشارع حفاة؟هذا نبأ سار للمرشد السياحي لويس هان الذي يعلم الزوار احتضان إحساس الرمال السوداء بين أصابع أقدامهم، بحسب موقع “إن زي هيرالد”.
ويقول هان “هذا شيء نشأنا عليه في نيوزيلندا”.
ويأخذ مجموعات سياحية صغيرة في جولات إرشادية في ويست أوكلاند، ويقول إن سياحاً دوليين من مدن كبيرة هم في الأغلب من يشتركون للحصول على تلك الخبرة.وفي حين أن الأحذية اختيارية، فأن أفضل طريقة للاستمتاع بالشواطئ والممرات الساحلية هو بدون التشويش الذي تخلفه الأحذية. هذا شيء يشجع هان ضيوفه أن يفعلوه في جزء من رحلة السير على الأقل.
ويقول هان “يتراكم لدينا عدم توازن طاقة حيث أننا منعزلون عن الأرض. نحن نقضي الكثير من حياتنا منفصلين عن الأرض من الأحذية إلى إطارات السيارات إلى السجاد”.
السؤال هنا هل السير حافيا مفيد؟
أشارت دراسة أجريت في 2018 على 714 تلميذاً نيوزيلندياً إلى أنه يمكن أن يكون هناك فوائد صحية للسير حافياً.
ويُعتقد من “منظور تطوري” أن كون المرء حافياً بشكل معتاد يمكن أن يساعد الأداء الحركي في وقت لاحق في الحياة.
كما أشارت الدراسة التي نشرت في مجلة “جورنال أو فوت أند آنكل ريسيرتش” إلى أن علاقة الكيويين بالأحذية فريدة “يبدو أنه مازال من المقبول اجتماعيا ممارسة أنشطة حافيا”.
ويقول هان إن السير حافيا لمدة نصف ساعة يمكن أن يساعد في تقليل التوتر وتحسين النوم ودعم خطوة طبيعية على نحو أكبر.
ويضيف “تظهر الأبحاث أن الاقتراب من الأرض حتى لمدة 30 دقيقة سوف يخلق تغييرات داخلية إيجابية وفوائد سيما لدمك وطاقتك ومزاجك”.
من جهة ثانية كانت دراسة جديدة توصلت إلى أن نسيج القدمين، وهو الجلد الكثيف الذي يتشكل طبيعيا عندما يمشي أحد حافيا، تطور لحماية القدمين وتوفير للمشي المريح الذي ربما لا توفره الأحذية.
وعلى عكس الأحذية، فإن نسيج القدم يوفر الحماية دون الإضرار بالحساسية أو المشي، بحسب الدراسة التي نُشرت في 26 يونيو على موقع مجلة Nature.
وفي المقابل، تضعف الأحذية حساسية القدمين وتغير الطريقة التي ينتقل بها تأثير الصدمات من القدم إلى المفاصل أعلى الساق.
وأكد الباحثون من معاهد في الولايات المتحدة وألمانيا وإفريقيا، أن نتائجهم لا تثبت أن المشي حفاة أكثر صحة من المشي مرتدين أحذية، ومع ذلك، فإن حقيقة أن المشي حفاة يختلف ميكانيكيا عن المشي بالأحذية، حيث يضفي بعض الفوائد الصحية طويلة الأجل التي تستحق الدراسة.
وقال دانييل ليبرمان، أستاذ البيولوجيا التطورية البشرية بجامعة هارفارد، الذي شارك في قيادة الدراسة: “من الممتع معرفة كيف تطورت أجسامنا”، وأضاف: “الفوائد الحسية للمشي حافي القدمين قد يكون لها آثار صحية إيجابية، ولكن يجب دراستها”.
ولاحظ فريق البحث بقيادة عالم الأحياء التطوري دانييل ليبرمان من جامعة هارفارد أنه كلما ازدادت سماكة النسيج، أصبحت الأقدام أكثر قوة دون أن تفقد قدرتها على الإحساس بالسطح من تحتها، من خلال دراسة أقدام نحو 100 شخص في كينيا والولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن أولئك الذين يمشون حفاة يتمتعون بنسيج قدمين سميك للغاية إلا أن حساسية اللمس لديهم أو قدرة القدم على الشعور بملامسة الأرض عند المشي، تتطابق مع أولئك الذين يملكون أنسجة رقيقة، ويعتقد الفريق أن السبب وراء ذلك هو أن النسيج القوي ينقل القوة دون تثبيطها، على عكس الرغوة أو باطن المطاط في العديد من الأحذية.
ويشير ليبرمان إلى أن الذين لا يملكون نسيجا سميكا غالبا ما يكونون مندهشين للغاية من حساسية تلك الطبقة، لكن الأمر شبيه بعازفي القيثارة الذين يطورون أيضا نسيجا في أصابعهم دون فقدان الحساسية.
وقد يساعد الاحساس بالأرض عند المشي حفاة في الحفاظ على التوازن وتقوية العضلات وخلق روابط عصبية أقوى بين القدمين والدماغ.
وقال توماس ميلاني، أستاذ في الحركة البشرية في جامعة تكنيس في شيمنيتز: “نقترح على الأطفال السير حفاة على العشب الرطب بهدف تحفيز الأعصاب التي تسافر إلى المخ، لأسباب تنموية”.
ويشير الباحثون إلى أن المشي حفاة ليس أفضل فكرة للجميع، حيث يمكن للمصابين بداء السكري والاعتلال العصبي المحيطي أن يجرحوا أقدامهم ولا يدركون ذلك، ما يشكل ضررا صحيا لهم.