نحن جميعًا نتمنى أن يتمتع أبناؤنا بوظائف عقلية عالية، ومستوى ذكاء مرتفع، على نحو يضمن لهم التفوق الدراسي الباهر. لكن هذه الأمنية تحول دون تحقيقها عقبات من أهمها ما يلي:
الشوارد
تتكون جزئيات الشوارد الحرة في جسم الإنسان أثناء التفاعلات الكيميائية أو نتيجة للتعرض للإشعاعات، والتلوث البيئي، أو الإفراط في التدخين.
وبينت بعض الدراسات أن الإسراف في تناول الطعام، خاصة الدهون المشبعة، والبروتينات الحيوانية، يزيد من فرص توليد الشوارد الحرة في الجسم. وتتمثل خطورة هذه الجزيئات في أنها تتفاعل مع خلايا الجسم وأنسجته وتؤكسدها؛ فتتسبب في تلفها وتآكلها، وتدهور حالة الجسم بصفة عامة، وتعجيل إصابته بالأمراض والشيخوخة. ويعتبر المخ الهدف الأول لهذه الشوارد؛ لغناه بالدهون التي تعد أنسب تربة تنتشر وتعمل فيها؛ حيث تُحدث عملية أكسدة لدهون أغشية خلايا المخ، ما يسبب صدأها وتزنخها. وبفعل هذه الأكسدة للشوارد الحرة، تتأثر وظائف المخ، ويقل مستوى الذكاء والوظائف العقلية. وللشوارد الحرة كذلك، تأثيرات سلبية شديدة على أوعية الجسم الدموية بصفة عامة والمخ بصفة خاصة؛ حيث تؤدي إلى تصلبها وانسدادها أحيانًا، فيقل الدم والأكسجين والجلوكوز الواصل إلى خلايا المخ، ونتيجة لذلك تقل كفاءة المخ وقد يصيبه التلف.
ومن فضل الله ونعمته علينا أنه لم يتركنا فريسة سهلة للشوارد الحرة حتى تعبث بأجسادنا وأمخاخنا كيفما تشاء.
فقد سخر الله لنا جهازًا دفاعيًا للتصدي للشوارد الحرة يعرف باسم مضادات الأكسدة، ويحتوي طعامنا على جيش كبير منها. الفاكهة والخضراوات مثلاً مليئة بمضادات الأكسدة، خاصة من الفيتامنيات المضادة للتأكسد، ومنها: البيتا كاروتين، والألفاكاروتين، والليكوبين، والليوتين، والذيزانثين. إضافة إلى عائلة هائلة من أربعة آلاف مضاد للتأكسد تعرف بالفلافونيدات.
ومن أفضل الخضراوات والفواكه التي تحتوي على مواد مضادة للأكسدة: السبانخ، الثوم، الملوخية، الخبيزة، الرجلة، اللفت، الفراولة، التوت، علاوة على بعض الفواكه المجففة مثل: الزبيب والقراصيا.
السمنة
تشير الإحصائيات العالمية إلى أن نحو 30% من الأطفال يعانون زيادة الوزن وسمنة بدرجات متفاوتة.
وللسمنة تأثيرات سلبية عديدة على أطفالنا، منها تأخرهم الدراسي وضعف تحصيلهم العلمي. ويفسر علماء النفس ذلك بأن الطفل البدين كثيرًا ما يعاني من الانزواء والانطواء على نفسه؛ لأن زملاءه يعيرونه بزيادة وزنه، ويطلقون عليه العديد من ألقاب السخرية التي تؤثر في نفسه.
وتكون نتيجة ذلك أن يشعر الطفل البدين بأنه غير مرغوب فيه، فيعاني من اللامبالاة ويميل إلى الهدوء والسكون أكثر من الطبيعي، وكثيرًا ما يكون ساهيًا، وقليل التركيز في الفصل الدراسي، ويجد صعوبة في حفظ دروسه.
كما يعاني نسبة كبيرة من الأطفال البدناء من حساسية مفرطة في التعامل مع الآخرين، ويتأثرون بأي كلمة أو موقف يتعرضون له.
وإضافة إلى ذلك، لا يميل نسبة كبيرة من الأطفال البدناء، إلى الذهاب إلى المدرسة والمذاكرة رغم تمتع نسبة غير قليلة منهم بمستوى عال من الذكاء.
وتعتبر حماية أطفالنا من السمنة منظومة متكاملة تبدأ من وقت وجودهم داخل الأرحام، ومن بنود هذه المنظمة ما يلي:
– ينبغي علينا وقاية أطفالنا من السمنة وهم داخل أرحام أمهاتهم، فزيادة الخلايا الدهنية في جسم الطفل، تبدأ مع الشهور الأخيرة للحمل؛ لذا على الأمهات الحد من زيادة أوزانهن في شهور الحمل، فيقللن بقدر الإمكان من الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات، ويكثرن من المشي.
– عند مولد الطفل علينا البدء في برنامج وقايته من السمنة، وتراكم الدهون في جسمه، وخير ما يمكن أن تفعله الأم في هذا المضمار هو أن ترضع طفلها من ثديها؛ حيث تؤكد الأبحاث العلمية أن الطفل الذي يرضع من ثدي أمه، أقل استعداد للإصابة بالسمنة من الطفل الذي يرضع لبنًا صناعيًا.
– على الأمهات التمهل في فطام الطفل، ومن المفيد هنا إمداده بالأطعمة الصلبة مع الثدي بعد نهاية الشهر الثالث أو الرابع وليس قبل ذلك.
– علينا تنظيم طعام أطفالنا كمًا ونوعًا، فنحترس من إمدادهم بمزيد من الأطعمة عالية السعرات مثل: الحلوى، الجاتوهات، المقليات، القشدة، الزبدة، الألبان كاملة الدسم، اللحوم الدسمة، البطاطس المقلية، البسكويت والمقرمشات. ونستبدل بهذه الأطعمة الأنواع متوسطة أو منخفضة السعرات مثل: الفواكه، الخضراوات، البقوليات، عصير الفواكه الطازجة قليلة السكر، المشويات، المسلوق، الأسماك، اللحوم قليلة الدسم، الألبان قليلة الدسم، الطيور خالية الدسم، البطاطس المسلوقة.
– يجب تشجيع أطفالنا على الحركة والنشاط، ومزاولة أي نشاط رياضي، كالعدو، وركوب الدرجات، والكاراتيه، مع تقليل عدد ساعات جلوسهم أمام التلفاز والبلايستيشن والكمبيوتر.
الأنيميا
تؤكد منظمة الصحة العالمية أن سبب التأخر الدراسي وضعف القدرات الذهنية عند نسبة كبيرة من الأطفال، يرجع لإصابتهم بالأنيميا، خاصة أنيميا نقص الحديد.
وهناك أسباب عديدة للأنيميا، من أهمها نقص أحد العناصر المهمة لتكوين خلايا الدم الحمراء والهيموجلوبين، مثل: الحديد، حمض الفوليك، فيتامين ب12، فيتامين ج، بعض الهرمونات والبروتينات.
ويشتكي الأطفال الذين يعانون الأنيميا عادة من أعراض عديدة من بينها: الضعف العام، الكسل، الشعور بالإجهاد عند بذل أقل مجهود، قلة التركيز، الشعور بالدوخة، الصداع، ضعف الذاكرة والنسيان. وتؤثر كل هذه الأعراض دون شك على تحصيل أطفالنا، وتحد من تفوقهم الدراسي.
أ.د.حسن فكري منصور – استشاري التغذية العلاجية