عندما قال «علي بابا» جملته الشهيرة «افتح يا سمسم».. رددها العالم من بعده دون أن يعلم أنها تصف بدقة حالة نضج السمسم، وتفتح قرونه لتتناثر البذور منه.
والسمسم من المحاصيل القديمة جدًا؛ حيث استخدمت بذوره وزيته منذ أكثر من 6000 عام. ويعتقد أنه نشأ في أحراش السافانا بوسط إفريقيا، ومنها انتشر إلى المنطقة العربية والهند والصين. وتأتي الصين والهند حاليًا في مقدمة الدول المنتجة للسمسم، تليها مانيمار والسودان وأمريكا الوسطى.
سمسم بنكهة الشعوب
لقد كشف العلم في السنوات الأخيرة النقاب عن كثير من الخواص الغذائية والصحية لبذور السمسم، مؤكدًا ومفسرًا لما ذكر من أهمية للسمسم منذ زمن بعيد.
ولا شك أن تناول السمسم في صوره الغذائية المختلفة له انعكاسات إيجابية على صحة الإنسان، لذا يوصى بأن يتناول الإنسان بصورة منتظمة جرامًا من السمسم على الأقل يوميًا، والأفضل ثلاثة جرامات في أي صورة من صوره الغذائية.
ومن الضروري عند التوعية بالأهمية الغذائية والصحية إبراز أن السمسم الداكن اللون والمنتجات المصنعة منه لا تقل بل تفوق السمسم الأبيض في خواصه الصحية.
وتتعدد الاستخدامات الغذائية لبذور السمسم في أنحاء العالم، ففي الدول العربية مثلاً تمثل الطحينة والحلوى الطحينية أكثر الاستخدامات الغذائية للسمسم، وعادة ما تستخدم البذور في تحضير هذه المنتجات دون تحميص أو بعد تحميص خفيف. كما يدخل السمسم في تحضير بعض المخبوزات والحلوى.
وفي الصين وكوريا الجنوبية، يستخدم السمسم في تغطية كثير من المخبوزات مثل الخبز والبسكويت؛ حيث يفضل الناس هناك نكهة السمسم المحمص، وفي اليابان يتم خلط السمسم المحمص بالملح ويستخدم الخليط في تغطية طبق الأرز المطهي، كما يستخدم السمسم المهشم وعجينة السمسم في السلطات وكمنكهات للحم المسلوق وأغذية أخرى. ويصنع توفو السمسم في اليابان من بذور السمسم المهشمة ونوع من أنواع النشا.
أما في الهند فيستخرج زيت السمسم من البذور دون تحميص، ويستخدم بعد هدرجته في صناعة المارجرين، كما يستخدم في الكيك وفي تغطية سطح بعض الأغذية. وفي أمريكا الشمالية يستخدم السمسم في تغطية الخبز والهامبرجر.
زيت وبروتين
يمثل الزيت والبروتين والكربوهيدرات، المكونات الرئيسية لبذرة السمسم بجانب العديد من المكونات الصغرى من الفيتامينات والمعادن.
ويعتبر الزيت المصدر الأساسي للطاقة في البذور، حيث تصل نسبته في السمسم الأبيض إلى حوالي 55%، وحوالي 48% في الأصناف الداكنة، لكن هذه النسب تتأثر كثيرًا بالصنف والمعاملات الزراعية. ورغم أن زيت السمسم يصنف ضمن فئة الزيوت غير المشبعة، إلا أنه يقاوم التأكسد بدرجة ملحوظة.
وتحتوي بذور السمسم كذلك على نسبة من البروتين تصل إلى حوالي 20 %، وهو غني بالأحماض الأمينية المحتوية على الكبريت. وتمثل الألياف الجزء الأكبر من الكربوهيدرات في بذور السمسم التي لا تحتوي النشا.
وتحتوي بذور السمسم على كميات ملحوظة من فيتامين ب تتركز في القشرة الخارجية لها؛ لذلك فإن إزالة تلك القشرة أثناء التصنيع تفقد الناتج هذه المجموعة الهامة من الفيتامينات. ومن الفيتامينات الموجودة في زيت السمسم فيتامين هـ وهو ذو أهمية لفعالية السمسم كغذاء صحي.
ويعتبر السمسم من الأغذية الغنية بالكالسيوم والحديد وهما عنصران تفتقر إليهما كثير من الأغذية التي نتناولها. ويوجد الكالسيوم أساسًا في القشرة الخارجية لبذور السمسم في صورة تجعل معدل الاستفادة منه منخفضًا. ويحتوي السمسم على نسبة عالية من عنصر السيلنيوم تقدر بنحو 1و36 ملجم لكل جم بروتين، وهو أحد العناصر المضادة للأكسدة.
كما تحتوي بذور السمسم على نسب كبيرة نسبيًا من أنواع مختلفة من اللجنان، إلا أن أهمها ثلاثة مركبات وهي السيسامين Sesamin والسيسامولين Sesamolin والسيسامينول Sesaminol. وتمثل هذه المركبات أكثر مكونات بذور السمسم أهمية لخواصها ونشاطاتها الحيوية المختلفة.
زراعة السمسم
في عام 2005م، احتل السمسم المرتبة السادسة بين المحاصيل الزيتية بإنتاج بلغ 3.3 ملايين طن، بينما احتل المرتبة الـ 12 من إجمالي إنتاج المحاصيل الزيتية من الزيت بإنتاج بلغ 907 ألف طن زيت.
وتأتي كوريا الجنوبية في مقدمة الدول استهلاكًا للسمسم، بمعدل استهلاك للفرد يتراوح ما بين 6 و7 جم في اليوم، تليها اليابان بمعدل استهلاك للفرد يبلغ نحو 3 جم في اليوم.
وتعتبر اليابان أكثر الدول استيرادًا للسمسم؛ حيث تستورد أكثر من 150 ألف طن في العام، يُستخدم 60% منها لإنتاج الزيت.
ولم يزد إنتاج السمسم خلال العقود الأخيرة، رغم تزايد الطلب العالمي عليه؛ نظرًا للمشاكل التي تواجه زراعته خاصة التفتح الفجائي للقرون الناضجة وتناثر البذور منها. لذلك يزرع السمسم في مساحات محدودة ويتم حصاده يدويًا فيحتاج لعمالة كثيرة.
غير أنه تم تطوير صنف من السمسم يقاوم التفتح الفجائي للقرون والأمراض والجفاف، ويمكن حصاده آليًا. وربما يساعد ذلك على زيادة الرقعة المزروعة من السمسم عالميًا.
ويختلف لون وحجم بذور السمسم وقشرتها الخارجية باختلاف الصنف، وأكثر البذور استخدامًا ذات اللون الأبيض العاجي. وفي البلاد الآسيوية، يعتقد أن البذور ذات اللون الأسود أفضل لصحة الإنسان، كما ينظر إلى البذور ذات اللون الذهبي والبنفسجي، بأنها ذات قيمة غذائية عالية.
وعادة ما تتم غربلة البذور وغسلها وتجفيفها ثم تحميصها على درجة حرارة تتراوح ما بين 120و150°م لمدة 5 دقائق. وفي بعض العمليات التصنيعية يتم إزالة غلاف البذرة الخارجي؛ بزعم أنها تصبح أكثر سهولة في الهضم غير أن ذلك يؤدي إلى فقد بعض المكونات الهامة في البذرة مثل الكالسيوم.
أ.د. محمد الحسيني عبد السلام