داء السكري مرض مزمن يحدث عندما يعجز البنكرياس عن إنتاج الإنسولين بكمية كافية، أو عندما يعجز الجسم عن الاستخدام الفعال للإنسولين الذي ينتجه. والإنسولين هو هرمون يضبط مستوى الغلوكوز في الدم. ويُعد فرط السكر في الدم، الذي يعرف أيضًا بارتفاع مستوى الغلوكوز في الدم، من النتائج الشائعة الدالة على خلل في ضبط مستوى السكر في الدم، ويؤدي مع مرور الوقت إلى الإضرار الخطير بالعديد من أجهزة الجسم، ولاسيما الأعصاب والأوعية الدموية.
داء السكري من النمط 2
ينجم السكري من النمط 2 (الذي كان يُسمى سابقاً داء السكري غير المعتمد على الأنسولين أو داء السكري البادئ عند البالغين) عن عدم استخدام الجسم للأنسولين بفعالية. ويعاني أكثر من 95% من مرضى السكري من داء السكري من النمط 2. وهذا النمط ينتج غالبا بسبب فرط وزن الجسم والخمول.
وقد تكون أعراض هذا النمط مماثلة لأعراض النمط 1، ولكنها قد تكون أقل ظهورًا في كثير من الأحيان. ولذا فقد يُشخّص الداء بعد مرور عدة أعوام على بدء الأعراض، أي بعد ظهور مضاعفات المرض.
وحتى وقت قريب، كان هذا النمط من داء السكري يُلاحظ فقط لدى البالغين، ولكنه أصبح يحدث حاليا بشكل متزايد لدى الأطفال أيضاً.
داء السكري من النمط 1
يتسم داء السكري من النمط 1 (الذي كان يُعرف سابقاً باسم داء السكري المعتمد على الأنسولين أو داء السكري الذي يظهر في مرحلة المراهقة أو الطفولة) بنقص في إنتاج الأنسولين، ويقتضي أخذ الأنسولين يومياً. وفي عام 2017، بلغ عدد المصابين بداء السكري من النمط 1 ما مجموعه 9 ملايين شخص؛ ويعيش معظم هؤلاء في البلدان المرتفعة الدخل. وتُجهل العوامل المسببة للسكري من النمط 1 ووسائل الوقاية منه.
وتشمل أعراض هذا الداء فرط التبوّل والعطش والجوع المستمر وفقدان الوزن وتشوش الرؤية والتعب. وقد تظهر هذه الأعراض فجأة.
سكري الحمل
سكري الحمل هو فرط الغلوكوز في الدم بحيث تزيد قيم غلوكوز الدم عن المستوى الطبيعي، ولكنها لا تصل إلى المستوى اللازم لتشخيص داء السكري. ويحدث هذا النمط أثناء الحمل.
يزداد احتمال ظهور مضاعفات أثناء الحمل وعند الولادة لدى النساء المصابات بسكري الحمل. ويزداد احتمال الإصابة بداء السكري من النمط 2 في المستقبل لدى هؤلاء النساء وربما حتى لدى أطفالهم.
يُشخّص سكري الحمل بواسطة عمليات الفحص قبل الولادة، وليس عن طريق الأعراض المبلغ عنها.
اختلال تحمّل الغلوكوز واختلال سكر الدم مع الصيام
يمثّل اختلال تحمّل الغلوكوز واختلال سكر الدم مع الصيام حالتين وسيطتين في مرحلة الانتقال من الحالة الطبيعية إلى مرحلة الإصابة بداء السكري. والأشخاص المصابون بإحدى هاتين الحالتين معرّضون بشدة لاحتمال الإصابة بداء السكري من النمط 2، رغم أن حدوثه ليس حتميًّا.
آثار داء السكري على الصحة
يمكن أن يتسبّب داء السكري مع مرور الوقت في إلحاق الضرر بالقلب والأوعية الدموية والعينين والكلى والأعصاب.
- يزداد احتمال تعرض البالغين المصابين بداء السكري للنوبات القلبية والسكتات الدماغية بضعفين أو ثلاثة أضعاف.
- يؤدي ضعف تدفق الدم واعتلال الجهاز العصبي (تلف الأعصاب) على مستوى القدمين إلى زيادة احتمالات الإصابة بقرحات القدم والتَعَفُّن مما قد يستدعي بتر الأطراف في نهاية المطاف.
- يُعد اعتلال الشبكية السكري من الأسباب الرئيسية للعمى، ويحدث نتيجة لتراكم الضرر الذي يلحق بالأوعية الدموية الصغيرة في الشبكية على المدى الطويل. وقد أصيب نحو مليون شخص بالعمى نتيجة داء السكري.
- يُعد السكري من الأسباب الرئيسية المؤدية للفشل الكلوي.
- يرجح أن يظهر المتعايشون مع داء السكري حصائل سيئة لدى التعرض لعدة أمراض معدية، ومنها كوفيد-19.
طرق الوقاية
ثبتت فعالية التدابير المتعلقة بنمط المعيشة في الوقاية من داء السكري من النمط 2 أو تأخير ظهوره. وللمساعدة على الوقاية من داء السكري من النمط 2 ومضاعفاته، ينبغي أن يقوم الأشخاص بما يلي:
- العمل على بلوغ الوزن الصحي والحفاظ عليه.
- ممارسة النشاط البدني- أي ما لا يقلّ عن 30 دقيقة من النشاط البدني المعتدل والمنتظم خلال معظم أيام الأسبوع. ويتطلب التحكم في الوزن ممارسة المزيد من النشاط البدني.
- اتباع نظام غذائي صحي مع الحد من المواد السكرية والدهون المشبّعة.
- تجنّب تعاطي التبغ، حيث إن التدخين يزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية.
التشخيص والعلاج
يمكن تشخيص داء السكري في مراحل مبكّرة من خلال فحص مستوى الغلوكوز في الدم، وهو فحص زهيد التكلفة نسبيًا.
- التحاليل المخبرية:
توجد عدة وسائل مخبرية لتشخيص الإصابة بداء السكري يتم عملها في المستشفى، وغالبًا يتم إعادتها في اليوم التالي لتأكيد الإصابة، وتشمل:
1- تحليل السكر الصائم:
يتم في هذا التحليل قياس السكر في الدم بعد الامتناع عن الأكل (الصيام) لأكثر من 8 ساعات، وغالبًا يكون في الصباح قبل تناول وجبة الإفطار.
2- اختبار تحمل الجلوكوز:
يتم في هذا التحليل قياس السكر في الدم قبل وبعد ساعتين من شرب محلول سكري معين.
3- اختبار خضاب الدم السكري (الهيموجلوبين) / السكر التراكمي:
يقوم هذا التحليل بحساب معدل السكر في الدم بآخر شهرين أو ثلاثة أشهر، ويتميز هذا التحليل بأنه لا يشترط الصيام ولا تناول أي شيء قبله ويستخدم لتشخيص الحالات الجديدة ومتابعة الحالات المزمنة أيضًا.
ويتطلب علاج داء السكري اتباع نظام غذائي صحي وممارسة النشاط البدني وخفض مستوى الغلوكوز في الدم ومستويات سائر عوامل الخطر المعروفة التي تضر بالأوعية الدموية. كما يُعد الإقلاع عن التدخين مهماً أيضاً لتجنّب المضاعفات.