إن تركيبتنا النفسية والعوامل النفسية عمومًا تؤدي دورًا كبيرًا في التشجيع على السمنة أو الوقاية منها. فهل هناك «شخصية سمينة»، بمعنى آخر شخصية تجعل الواحد أكثر عرضة للسمنة؟ هذا هو رأي الخبير التغذوي الدكتور فانهيردن (I.V van Heerden)، يقول الخبير (www.health24.co.za):
بعض الخبراء يزعمون أن الأفراد الذين هم معرضون للسمنة أكثر من غيرهم، يتميزون بشخصية خاصة تجعلهم مهيئين لاكتساب الوزن. إن أهم ملامح هذه الشخصية هي:
ـ احتقار الذات: الذين يشعرون بأنهم فاشلون لا يساوون شيئًا قد يلجؤون إلى البحث عن الترضية في أحضان الطعام. هؤلاء يجدون صعوبة في التخسيس عن طريق الحمية والرياضة ويستسلمون حتى قبل أن يبدؤوا. هذا راجع إلى احتقار الذات أيضًا، فقد يقول لنفسه مثبطًا إياها: «لن أستطيع أن أخسر من وزني لأني في الأصل شخص فاشل». وبالطبع حتى لو بدأ برنامجًا للتخفيف من وزنه فإنه قد يتوقف لأبسط العراقيل لاعتقاده الجازم (الخاطئ) أنه فاشل.
هذه الشخصية تحتاج إلى أن تحارب هذا الشعور السلبي باستعمال بعض الأساليب، مثل التأكيد الإيجابي (Positive affirmation). عليك أيها الذي يعاني احتقار الذات أن تقول لنفسك إن بإمكانك أن تنجح. في سبيل ذلك أعد لنفسك قائمة بجميع الأشياء الإيجابية التي حققتها. كذلك عليك أن تحتفظ لنفسك بمفكرة للتخسيس تسجل فيها كل انتصار لك على درب التخسيس: خسرت كيلو غرام واحد هذا الأسبوع، أو ذهبت لأمارس الرياضة اليوم رغم أني كنت متعبًا. وقد تدهش بالنجاحات التي قد تحققها إذا لزمت الإيجابية في حياتك بدل أن تكون سلبيًا.
ــ قلة السيطرة على الذات (سلوكيات إلزامية): الكثير من السمناء يقولون إنهم يعانون من فقدان تام للسيطرة على سلوكياتهم الغذائية. إنهم لا يستطيعون التوقف عن التهام الطعام. ويصعب عليهم أن يتصوروا إمكانية تناول طعام أقل أو ترك الدهون خارج برنامجهم الغذائي، أو حتى أن ينتظموا في نشاط رياضي. في بعض الأحيان يأخذ الطعام شكلاً إلزاميًا.
فمثلًا قد يقول الإلزامي عبارات مثل: «إنني أشعر بأني أمارس بعضًا من السيطرة على حياتي إذا أكلت كميات كبيرة من الطعام». مثل هؤلاء يحتاجون إلى مساعدة نفسية. المعالج النفسي قد يستعمل معه أسلوب التأكيد الإيجابي من جديد، أي يؤكد له قدرته على تحقيق الأشياء، وذلك كمكافأة له على ممارسته السيطرة الغذائية الذاتية على نفسه يومًا كاملًا مثلًا، أو حضوره لحصة رياضة أو حصص في (كيفية ضبط السلوك).
هؤلاء الذين يفتقدون إلى السيطرة الذاتية عادة يستفيدون من النوادي والمنظمات التغذوية المتخصصة، أمثال نادٍ يسمى (الوزن الخفيف، Weightless) أو نادي (مراقبة الوزن، Weight Watchers). هذه المنظمات توفر (في بعض الدول على الأقل) آلية تنظيمية تعمل على تشجيع الناس التي لا تستطيع السيطرة على مقدار الطعام الذي تتناوله. أما الحالات الصعبة من الإفراط الإلزامي من الطعام فتحتاج إلى علاج طبي متخصص. فإذا كان الشخص يعتقد أنه يعاني من إفراط إلزامي (مزمن)، فإن عليه أن يذهب إلى طبيب أو متخصص ليحوله غالبًا إلى قسم داخلي يتولى مراقبة علاجه عن قرب.
ــ التقلب العاطف: فالذين يتذبذبون بين عواطف مختلفة، بين سعادة في لحظة من اللحظات مثلًا يتبعها اكتئاب فجائي، إن هؤلاء يبحثون عادة عن الترضية في الطعام أيضًا. ذلك أنهم يعتبرون الطعام العامل الوحيد (الثابت) في عالمهم العاطفي المتقلب. هنا يجدر بالشخص أن يدرك أنه يعتمد على العوامل الخارجية للترضية العاطفية وأن عليه أن يفطم، (وينفصل) عن هذه الاعتمادية شيئًا فشيئًا. عليه أن يطلب مساعدة طبيب نفساني أو جماعة مساندة بإمكانها أن تمده بشيء من الثبات (العاطفي).
ــ الاكتئاب: لعل بعضنا يعرف صديقًا أو شخصًا يبدأ في تناول الطعام بمجرد أن يشعر بالقلق، وكلما زاد قلقه زاد تناوله من الطعام. أهم شيء في قضية مثل هذه أن يتعرف الشخص أو الصديق المعني على أسباب قلقه، وبعضها قد تكون مدفونة في عقله الباطن. فإذا كان صديقك، أو كنت أنت تعتقد، أنك تلجأ إلى الطعام عند التوتر والقلق فإن عليك أن تستشير خبيرًا يسخرج القلق (ثم يحاول القضاء عليه). ثم إن على الشخص المصاب بالحالة أن يتعلم أن يسيطر على قلقه بأساليب ليس للطعام فيها أية مكانة (ولعل الخبير يضعه على الخطوات الأولى لذلك).
هناك مثلًا تمارين الاسترخاء واليوغا وما على شاكلتها، هذه تنفس عن القلق الذي يهدد بأن يخرج عن السيطرة. بجانب القلق هناك الاكتئاب. والاكتئاب في حد ذاته حالة أخرى نفسية بإمكانها أن تسبب زيادة الوزن. وهذا الوزن الزائد راجع جزئيًا إلى قلة الحركة التي عليها المريض بالاكتئاب. فهؤلاء من عادتهم النوم ساعات طوالاً يوميًا ولا يشعرون برغبة في أداء أي نوع من أنواع الرياضة. بالإضافة إلى ذلك فإنهم يتعاطون أدوية مضادة للاكتئاب عادة، والتي تسبب أيضًا زيادة الوزن أو فتح الشهية.
فإذا كنت سمينًا بسبب الاكتئاب فإنه يجدر بك أن تتصل بطبيب نفساني لوصف دواء لك يقاوم حالة الخمول عندك، أو لعله يصف لك دواء مضادًا للاكتئاب لا يسبب زيادة في وزنك. وربما يكون من الأفضل مراجعة خبير تغذية. فبإمكانه أن يصف لك حمية منخفضة السعرات إذا كنت لا تمارس نشاطًا كافيًا.