إنّ أحد أكثر المشكلات الجوهرية التي تجابهها العديد من الأمم النامية الأقل تطوّراً هي كيفية إنهاء مشكلة الجوع على أراضيها، والفقر الواسع الانتشار في الريف والمدينة يعني بأنّ أناساً كثيرين لا يستطيعون شراء الغذاء الموجود في الأسواق.
فإن قيل: ما هي كمية الغذاء الموجودة في العالم في الوقت الحاضر؟ وهل يوجد الكفاية لكل شخص؟ فإن الجواب الذي قد يفاجئ الجميع هو نعم يوجد الكفاية، هناك ما يكفي من الحنطة في العالم لكل رجل وامرأة وطفل بمعدل 3000 سُعر حراري في اليوم، وهذا الرقم يُعتبر أقل بقليل مما يُستهلك من الشخص العادي في الدول الصناعية.
إنّ كميات الغذاء التي لم يسبق لها مثيل في العالم، والأرقام المحسّنة لمستوى الفرد الواحد، لا تعني بالضرورة أنّ كل شخص قد حصل على غذاءٍ كافٍ.
فلا أحد يعلم بالتأكيد مدى انتشار الجوع في هذه الأيام حيث تتراوح التقديرات ما بين 450 مليون جائع إلى بليون.فإن قيل: مَنْ هم الجياع، وأين يعيشون؟! فإنّ الجواب حسب تقديرات البنك الدولي، هو أنّ 80% هم من النساء والأطفال.
ويعتبر سوء التغذية قاسماً مشتركاً بين الفقراء في العديد من الدول النامية، ويعيش معظم هؤلاء الناس في قرى صغيرة ويتناول الرجال طعاماً أفضل من غيرهم من أفراد الأسرة، لأنهم يحصلون على الغذاء بأنفسهم.
إنّ إنتاج الغذاء في أيامنا هذه يكفي سكان العالم جميعاً، ولكن ومع كل ذلك، فهناك ما يقارب رُبْـع سكان العالم يعانون من سوء التغذية. إذن، ما الذي يسبّب الجوع في العالم؟ إنّ هيئات ومنظّمات الغذاء في العالم تتفق بشكل عام على أنّ الفقر من الأسباب الرئيسة للجوع في العالم.
فالملايين من الناس ليس لديها النقود الكافية لشراء حاجتها من الطعام، أو أنواع جيّدة من الطعام. وهذا هو السبب الذي جعـل – جون تارنت – أحد خبراء الغذاء يكتب قائلاً: يستمر سوء التغذية والمجاعة في وضعهما الثابت دونما تغيير في حالتي الوفرة والشح للغذاء في العالم.
إنّ المشكلة، إذن ليست مشكلة تقنية فنية في زيادة إنتاج الغذاء، ولكن التطور الاجتماعي والاقتصادي في الدول النامية، هو بتوفيق الله، الذي سيمكّن السكان من شراء الغذاء، ومن ثمّ، مواجهة ظاهرة الجوع، ومعالجة آثارها المختلفة.