تعد الأسابيع الأربعة الأولى من عمر الطفل هي أخطر مراحل عمره؛ حيث يكون خلالها معرضًا للكثير من المشكلات الصحية التي تتطلب عناية خاصة ووعيًا جيدًا من جانب الآباء لكي تمر هذه المرحلة بسلام.
في هذه المرحلة يكون الطفل معرضًا لأخطار خاصة نتيجة خروجه من محيط الرحم المعقم الدافئ إلى الجو الخارجي غير المعقم بما يحويه من جراثيم وضوضاء، وهو لم يعتد عليه في عالمه الصغير الذي تركه.
ومن أهم مشاكل الطفل في هذه المرحلة ما يلي:
رفض الرضاعة
من أكبر المشكلات التي يتعرض لها الطفل حديث الولادة هي رفض الرضاعة الطبيعية واللجوء إلى الرضاعة الصناعية، وهي لا تفيد الطفل قدر الرضاعة الطبيعية.
وفيها يبدأ الطفل بالصراخ بمجرد البدء بإرضاعه أو يرضع لبضع ثوان ثم يترك الثدي مقاومًا كل محاوله لإرضاعه. ولهذه الظاهرة أسباب منها: نزلات البرد التي قد تسبب انسداد فتحتي الأنف وقلة إدرار اللبن. إضافة إلى وضع الطفل على الثدي وضعًا خاطئًا ما يسبب انسداد فتحتي الأنف بسبب ضغط الثدي عليهما أو انقلاب الشفة العليا. ويكمن حل هذه المشكلة في إرشاد الأم الحديثة وتوعيتها بضرورة الرضاعة الطبيعية وتدريبها على الأوضاع للرضاعة وأهمية مداعبة الأم لطفلها قبل الرضاعة, وذلك بعد التأكد من عدم وجود أي مشكلات بأنف الرضيع. ومن المتوقع وبعد مراعاة هذه الاحتياطيات أن يتحسن سلوك الطفل ويستقر في الرضاعة بعد بلوغه عمرًا يتراوح بين 10 و14 يومًا.
المغص والانتفاخ
لا يكاد طفل حديث الولادة لم يعان من المغص والانتفاخ، وتنشأ هذه الحالة من كثرة الغازات في الأمعاء والتي سبق أن ابتلعها الطفل أثناء عملية الرضاعة. ومن أسباب حدوث هذه المشكلة عدم إطباق الرضيع على الحلمة أثناء الرضاعة ما يسبب تسرب اللبن من زاوية الفم وابتلاع الطفل للهواء. كذلك قد يكون السبب هو وضع الطفل وضعًا خاطئًا، وقد ترضع بعض الأمهات وليدها من ثدي واحد فقط، وبهذا لا يحصل الطفل على كفايته من اللبن ويبتلع الهواء المسبب للمغص. ولتلافي هذه المشكلة، على الأم أن تلاحظ وضع الطفل جيدًا وتراقبه أثناء عملية الرضاعة.
اختلال الوزن
تحرص كثير من الأمهات على متابعة صحة أطفالهن حديثي الولادة في السنة الأولى من عمرهم عند الطبيب، وتجد أن وزنه لا يزيد بصورة طبيعية حيث يتراوح المعدل الطبيعي لزيادة وزن الطفل أسبوعيًا بين 170 و 200 جم. والسبب الرئيس في عدم زيادة وزن الطفل بصورة طبيعية هو نقص الغذاء الذي يتناوله، إما بسبب ضعف قدرة الرضيع على المص أو إصابته بأي نوع من العدوى. إضافة إلى خمول الطفل وميله إلى النعاس لأي سبب من الأسباب الصحية أو العقلية ما تجعل فرصته في تناول الغذاء محدودة، وعندئذ ينبغي أن يوقظ الطفل عمدًا لتناول رضاعاته في مواعيد محددة.
الإمساك
من الطبيعي أن يتبرز الطفل في اليوم الأول من الميلاد، ويكون البراز مائلًا للاخضرار، ثم يتحول لونه تدريجيًا إلى اللون الأصفر الطبيعي المائل إلى البرتقالي، حيث يكون الاعتماد الكلي على حليب الرضاعة. وتتراوح عدد مرات التبرز بين 4 و6 مرات يوميًا، لكن بعض الأطفال لا يتبرز إلا كل 5 أيام ما يجعلهم يعانون من المغص الشديد والغازات. ويجب فحص أسباب ذلك؛ فقد يكون لدى الطفل انسداد معوي أو عيب خلقي يؤثر في حركة الأمعاء، وقد يكون الإمساك حالة مؤقتة تتحسن بمرور الوقت.
التهاب الصرة
يعتبر الاهتمام بصرة الطفل حديث الولادة أمر في غاية الأهمية؛ فقد يكون التهابها منفذًا لمرور ميكروب التيتانوس. ومن أسباب هذا الالتهاب التلوث أثناء قطعها أو ملامسة بول الطفل، لذلك على الأم أن تحرص عند كل غيار للطفل على تطهير الصرة بالكحول والمحافظة على جفاف الطفل حتى تسقط الصرة بعد مرور نحو أسبوعين من الولادة، وعلى الأم عرض رضيعها على الطبيب عند حدوث أي التهاب في صرته.
إفرازات العين
يعاني بعض الأطفال حديثي الولادة من مشكلات العين؛ فقد تنساب دموع من عين واحدة دون الأخرى، ويكون السبب هو انسداد القناة الدمعية، وقد يكون هذا الإفراز صديديًا. وعندئذ يجب مسح هذا الصديد بشاشه مبللة بمحلول بوريك ثم وضع قطرة مطهرة ينصح بها الطبيب.
وقد تقلق بعض الأمهات من وجود بقع دموية في بياض العين لكن لا داعي للقلق، فالسبب يكون ضغط الولادة على جبهة المولود؛ حيث يكون هناك نزف بسيط من الشعيرات الدموية وينصرف هذا التجمع الدموي وحده بدون أي تدخل وذلك في فترة لا تزيد عن 4 أسابيع.
الطفل المبتسر
يحتاج الطفل المبتسر إلى عناية خاصة حيث يولد قبل الأسبوع السابع والثلاثين من الحمل، ويحتاج إلى بعض الاحتياطات حتى يعيش، أهمها توفير ظروف جوية خاصة تتراوح فيها درجة الحرارة من 27 إلى 30 درجة، ونسبة رطوبة تبلغ حوالي 65%، وتكون نسبة الأكسجين في الهواء الذي يتناوله 40%.
لذا يجب وضع الطفل في الحضانة، وهو جهاز مخصص لهذا الغرض يوجد بالمستشفيات ويوفر كافة هذه الظروف تحت إشراف ممرضات وأطباء مختصين حتى يصل إلى الوزن الطبيعي، وتصبح أجهزته قادرة على التكيف مع الظروف الجوية الخارجية.
الصفراء
يتعرض الكثير من الأطفال إلى الصفراء بعد الولادة بعدة أيام. وهناك نوعان من الصفراء، إما فسيولوجية وتحدث خلال فترة تتراوح بين 3و4 أيام من الولادة ولا تطول كثيرًا وتكون درجة الاصفرار خفيفة نتيجة لتكسر كرات الدم الحمراء الزائدة بعد الولادة، ولا ضرر من هذه الحالة. وهناك صفراء مرضية تختلف عن النوع الأول في أن درجة الاصفرار تكون أكبر وتطول مدة الاصفرار، ومن أهم أسبابها عدم الاتفاق بين الأب والأم في عامل ريساس، فتتكون أجسام مضادة لدم الطفل خاصة عندما يكون الجنين إيجابي عامل ريساس كأبيه، وتكون الأم سلبية مما يؤدي إلى تكسر كرات الدم. ومن مخاطر الصفراء المرضية زيادة تكسير كرات الدم لدرجة تصيب بفقر الدم، وإذا أصابت الصفراء خلايا المخ فقد يحدث للطفل اضطرابات عصبية خطيرة تؤدي للوفاة. وللوقاية من هذه الحالة الناتجة عن الاختلاف في عامل ريساس بين الأم والأب ينبغي مراعاة الفحص قبل الزواج حتى يؤخذ هذا الأمر في الاعتبار عند الولادة
إعداد: د. نهاد ربيع البحيري