كثيرة هي الكلمات والمقولات التي تمر علينا دون أن نتوقف عندها، منها أن الطريق إلى قلب الرجل يمر بمعدته، مقولة طالما سمعناها دون أن نتوقف عندها؟ هل هذه المقولة صحيحة؟
دعونا نتساءل: ما هو أقصر طريق لقلب الرجل في الأسر التي تعتمد في غذائها على المطاعم والأكلات السريعة وأكلات الدليفري؟ أو في المجتمعات التي تعاني من المجاعات، وتعيش تقريبا على أوراق الشجر؟ هل الزوجة لا تستطيع الوصول إلى قلب زوجها؟
تشير إحدى الدراسات الاجتماعية إلى أنه تم اختيار عينة عشوائية من الرجال وكان السؤال الذي طرح عليهم: ما هو أطيب طعام تذوقته، أو تشتهيه؟ فكانت النتيجة أن ما يزيد عن 65% من العينة أجابت أنه الطعام الذي تعده الأم.. بتحليل النتيجة اتضح أن الأشخاص يتكيفون بما اعتادوه.. وها هو طعام الأم نشأنا عليه. وفي دراسة أخرى عن الموضوع كانت النتيجة أن أقصر طريق إلى قلب الرجل أنفه، والبعض قال عقله، واختلافات كثيرة في النتائج..
لكن من منظوري أن الطريق إلى قلب الرجل هو المودة والرحمة بالإضافة إلى الاهتمام بكل حواسه (السمع.. فصوت المرأة وروعة إيقاعه وقدرتها على الحديث من أهم العوامل التي تؤثر بشكل كبير في المشاعر. والشم.. يلعب دورًا مهم أكثر مما يتصور البعض، فالرائحة الطيبة تقوي الجاذبية وعكسها يعدمها. واللمس.. فنوعية الملابس التي تتصف بالنعومة أفضل من الملابس خشنة الملمس. والكلام.. ومساحته وتغيره وتنوعه بما يرسم الابتسامة. والنظر.. بأن لا تقع عيناه على شيء قبيح)، هذا بالإضافة إلى الطعام الذي يقدم في وقته ويتم تحضيره وتجهيزه باهتمام لأدق التفاصيل وتناسق المائدة.
كل ما سبق ينطبق على المرأة بنفس درجة انطباقه على الرجل ويضاف إليه حسن الاختيار والتكافؤ بين الزوجين، وتطبيق شرع الله في معاملاتنا واتقاء الله في أنفسنا وأزواجنا وأولادنا، فالدين والخلق والتربية السليمة للشباب والفتيات، وتفوقهما الدراسي يثلج صدر أبويهما، ويقر بهما أعينهما، والتحمل لعيوب الآخر والعمل على إصلاحها بالحسنى أمر يؤلف القلوب، وفيض المشاعر والحنان وحسن الفهم لهما مردود إيجابي على الحياة الأسرية المتوازنة.
دعونا نتذكر سويًا تلك الأم الأعرابية التي كانت تنصح ابنتها ليلة زفافها وقالت لها:
أي بنية.. إن المرأة لو استغنت عن الزوج بسبب غنى أبويها، وشدة حاجتهما إليها لكنت أغنى الناس عن ذلك، ولكن للرجال خلقنا كما خلق لنا الرجال.
أي بنية.. إن الوصية لو تركت لفضل أدب، أو لتقدم حسب، لتركت لذلك منك، ولكانت أبعد شيء عنك، ولكنها تذكير للعاقل، وتنبيه للغافل.
أي بنية.. إنك تركت البيت الذي فيه نشأت، والعش الذي فيه درجت، إلى بيت لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه. قد أصبح بملكه عليك اليوم مليكًا، فكوني له أمة، يكن لك عبدًا وشريكًا. واحفظي له مني خصالاً عشرًا، تكن لك ذكرًا وذخرًا.
· أما الأولى والثانية – فهي الرضى بالقناعة، والمصاحبة له بحسن السمع والطاعة.
· وأما الثالثة والرابعة: أن تتفقدي موضع عينيه، وتتعهدي موضع أنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح.
· وأما الخامسة والسادسة: فالتحري لوقت طعامه، والهدوء عنه حين منامه؛ فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
· وأما السابعة والثامنة: فالحفاظ له على خصوصيته وماله، والاهتمام بحشمه وعياله؛ فإن الخصلة الأولى من التدبير، والثانية من حسن التقدير.
· وأما التاسعة والعاشرة: فألا تفشي له سرًا، ولا تعصي له أمرًا؛ فإنك إن أفشيت سره، أوغرت صدره، وإن عصيت أمره لم تأمني غدره.
د. حسني الخولي – كاتب وخبير اقتصادي