لا تتوقف فوائد الألبان ومنتجاتها عند الحدود المعروفة، فكل يوم تقريبًا يكتشف العلم المزيد من فوائده، من بينها دراسات أظهرت أن بروتينات شرش اللبن تحتوي على نسبة كبيرة من الأحماض الأمينية الأساسية EAA، وأحماض أمينية متشعبة مثل الليوسين Leu، فمثلًا البيتاجلوبيولين الموجود في الشرش يحتوي على EAA، BCAA، Leu أكثر من البروتين العادي بنسب 17%، 33.5%، 74% على التوالي.
كان الاعتقاد السائد إلى وقت قريب أن الأحماض الأمينية هي مجرد وحدات بنائية، لكن اتضح حديثًا أن بعضًا منها مثل الأحماض الأمينية ذات السلاسل المتشعبة BCAA وبخاصة الليوسين- التي تبلغ نسبتها 50% من الأحماض الأساسية الموجودة باللبن- لها دور مهم آخر بخلاف دورها كوحدات لبناء البروتين، فهذه الأحماض هي الوحيدة التي تستطيع تنشيط بناء البروتين في العضلات؛ حيث تبدأ عملية بناء البروتين في العضلات بإشارة يطلقها الحمض الأميني الليوسين.
وإضافة إلى ذلك، فإن لهذه الأحماض دورًا كبيرًا في عمليات التمثيل الغذائي التي تتم في الجسم عن طريق إمداد دورة أكسدة الجلوكوز والجليكوجين ودورة حمض الستريك بكثير من المركبات الوسطية اللازمة لتشغيلهما، وتتحول أيضًا إلى أحماض أمينية غير أساسية عن طريق نقل مجموعة الأمين.
بروتين مضاد للبكتيريا
وعمل العلماء على تطوير الطرق المستخدمة في فصل بروتينات اللبن الرئيسة مثل بيتاجلوبيولين لاستخدامها في تصنيع أغذية فائقة تكون عالية في محتواها من البروتين لاستخدامها في إنقاذ الحالات الحرجة.
كما يتميز كل بروتين من بروتينات اللبن بفوائد صحية ووظيفية مهمة. فقد ثبت مثلًا أن الببتيدات المستخلصة من اللاكتوفيرين البقري bovine lactoferrin لها خواص مضادة للبكتيريا، وهناك أدلة محدودة من الدراسات المعملية على حيوانات التجارب، أن بروتينات اللبن تساعد في الوقاية من السرطان من خلال قدرتها على تنشيط مناعة الجسم. هذا بالإضافة إلى أن بروتينات الشرش تزيد من قوة العظام.
وقد تمكن العلماء باستخدام التكنولوجيا الحديثة من إزالة الماء من الشرش وزيادة تركيز البروتين واللاكتوز مع كمية بسيطة من الأملاح المعدنية والدهن، وسمي المنتج الجديد ببروتين الشرش المركز WPC concentrate ويحتوي على 35-85% بروتين، وبزيادة التركيز أكثر باستخدام الفلترة الفائقة ultra-filtration ثم التبادل الأيوني أمكن الحصول على ما يسمى ببروتين الشرش المعزول WPI (isolate) ويحتوي على 90% بروتين.
كنز من الفيتامينات
وفضلاً عن أهمية البروتينات المتوفرة في اللبن، نلقي في السطور التالية الضوء على الأهمية الغذائية والصحية للفيتامينات المتوفرة في اللبن.
فقد بينت الدراسات أن اللبن البقري مصدر ممتاز للريبوفلافين (ب2)، والكوبالامين (ب12) وحمض الفوليك (ب9) ومصدر جيد لحمض البانتوثينيك (ب5) ومتوسط في فيتامينات ب1، ك، أ وفقير في النياسين ب3، والبيوتين، والبيرودكسين ب6، وفيتامينات ج، هـ، د.
وتؤدي البسترة إلى تحطم معظم فيتامين ج، وبالنسبة للأطفال الصغار فإنه غالبًا ما يضاف كميات من فيتاميني ج، د.
ومن أهم الفيتامينات التي توجد في اللبن ومنتجاته ما يلي:
– فيتامين أ:
يحافظ على سلامة الأنسجة الطلائية والأغشية المخاطية الموجودة في أعضاء الجسم المختلفة مثل الأنف والحلق؛ وبالتالي يساعد على مقاومة الجراثيم والفيروسات المسببة لنزلات البرد والأنفلونزا. ويحافظ على سلامة النظر وعلى سلامة العظام ونشاط الأعصاب وإفراز الهرمونات، والتمثيل الغذائي للبروتينات والدهون، وتكوين الأجسام المضادة، وتفاعلات المناعة الخلوية. ويساعد على تأخير الشيخوخة، والتقليل من مضاعفات مرض السكر، ومخاطر الإصابة ببعض أنواع السرطان ويحسن من وظيفة الرئتين. وتقدر الاحتياجات اليومية من الفيتامين بحوالي 800-1000 ميكروجرام، ولكن يجب الحذر من تناول جرعات تزيد على الحدود المسموح بها نظرًا لسميته.
– الريبوفلافين:
يعمل كمرافق أنزيم في تفاعلات الأكسدة والاختزال التي تجري في الجسم؛ لذلك فإنه مهم في تمثيل الكربوهيدرات والبروتين والدهن لإنتاج الطاقة داخل خلايا الجسم. ويمارس هذا الفيتامين دورًا هامًا في المحافظة على الجلد والأغشية المخاطية وقرنية العين وأغلفة الخلايا العصبية. ويمكن أن يسبب نقص الريبوفلافين، أمراضًا جلدية والتهابات في الأنسجة الرخوة التي تبطن الفم والأنف، ويسبب الإصابة بالأنيميا، وزيادة حساسية العين للضوء.
– حمض الفوليك:
يعمل كمرافق إنزيم في تمثيل الأحماض النووية والأمينية ومهم في بناء الخلايا الجديدة. كما أن وجوده بوفرة قبل الحمل وأثناء المراحل الأولى منه، يمنع حدوث تشوهات القناة العصبية في الأجنة.
– الكوبالامين:
يندر وجود هذا الفيتامين خارج المنتجات الحيوانية، وهو مهم لتخليق الحمض النووي. كما يؤدي دورًا كبيرًا في نشاط الجهاز العصبي، وفي تكوين كريات الدم.
د. مسعد شتيوي – أستاذ العلوم الزراعية