كشفت دراسة علمية حديثة نشرت في مجلة Nature Communications عن إمكانية استخدام أدوية الستاتينات في مكافحة الالتهابات المزمنة. ووفقًا لهذه الدراسة، فإن هذه الأدوية تعمل على تقليل نشاط مادة كيميائية تسمى الإنترلوكين 33، والتي تلعب دورًا رئيسيًا في إثارة الاستجابات المناعية التي تؤدي إلى تفاقم العديد من الأمراض المزمنة.
الالتهاب المزمن والسرطان
يشكل الالتهاب المزمن تهديدًا كبيرًا لصحة الإنسان، حيث يرتبط ارتباطًا وثيقًا بزيادة خطر الإصابة بالسرطان. العديد من الأمراض الالتهابية المزمنة، مثل أمراض الأمعاء والبنكرياس والكبد، تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات الانتشار. تلعب مجموعة متنوعة من العوامل المناعية، بما في ذلك الخلايا البدينة والخلايا البلعمية من النوع الثاني وبعض السيتوكينات مثل الإنترلوكين-10 والإنترلوكين-13 وعامل النمو التحولي بيتا، دورًا حاسمًا في هذه العملية المعقدة. على الرغم من أهمية هذه العوامل في تطوير السرطان، إلا أن التدخل العلاجي لتثبيطها يواجه تحديات كبيرة نظرًا لدورها المتعدد في الجسم. الأدوية المضادة للالتهابات التقليدية، مثل ديكساميثازون، تتصف بآثار جانبية خطيرة تقلل من فائدتها العلاجية. لذلك، فإن البحث عن جزيئات جديدة وآمنة لتقليل الالتهاب المزمن يمثل أولوية بحثية مهمة. يعتبر بروتين الإنترلوكين-33 من العوامل الرئيسية المساهمة في الالتهاب المزمن المرتبط بالسرطان، ولكن الآليات الدقيقة التي تعمل من خلالها لا تزال غير واضحة بشكل كامل.
أدوية الكوليسترول “الستاتينات” والوقاية من السرطان
تعد الأمراض الالتهابية المزمنة، مثل مرض التهاب الأمعاء والتهاب الرئة المزمن، من أكثر الأمراض شيوعًا في العالم. ويرتبط الالتهاب المزمن بزيادة خطر الإصابة بالسرطان وأمراض أخرى. تهدف هذه الدراسة إلى فهم دور بروتين الإنترلوكين 33 في التسبب في الالتهاب المزمن وكيفية استهدافه لعلاج هذه الأمراض.
لتحفيز الالتهاب، قام الباحثون في الدراسة بتطبيق مادة كيميائية على جلد الفئران لتسبب التهاباً جلديًا، وحقنوا مادة أخرى في بطونها لتسبب التهاباً في البنكرياس. استمر كلا النوعين من العلاج لمدة ثلاثة أسابيع تقريبًا.
وتوصل باحثو الدراسة إلى أن دواء بيتافاستاتين، وهو من فئة أدوية الستاتينات، قد يكون له دور وقائي ضد الالتهاب المزمن وخاصة التهاب البنكرياس. يُعتقد أن هذا الدواء يعمل عن طريق تقليل إنتاج بروتين الإنترلوكين 33 الذي يلعب دورًا هامًا في عملية الالتهاب. بالإضافة إلى ذلك، أشارت الدراسة إلى أن الأشخاص الذين يتناولون بيتافاستاتين كانوا أقل عرضة للإصابة بالتهاب البنكرياس المزمن وحتى سرطان البنكرياس. هذه النتائج تشير إلى أن أدوية الستاتينات قد يكون لها فوائد صحية تتجاوز خفض الكوليسترول، حيث قد تساعد في الوقاية من مجموعة واسعة من الأمراض الالتهابية والمزمنة.
نتائج واعدة
إذا تم تأكيد قدرة الستاتينات على تقليل خطر الإصابة بسرطان وبخاصة سرطان البنكرياس، ولا سيما لدى الأفراد المعرضين، فستمثل هذه النتيجة تقدمًا كبيرًا في مجال الطب. فقد تتغير بذلك الممارسات الطبية المعتادة، حيث لن تقتصر فوائد الستاتينات على الوقاية من أمراض القلب، بل ستمتد لتشمل الوقاية من بعض أنواع السرطان. ومع ذلك، تحتاج هذه النتائج إلى مزيد من الدراسات لتأكيدها وتحديد الآليات الدقيقة وراء هذا التأثير.