الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل، أي الإيمان المصحوب بالعمل الفعلي بما يرضي الله ورسوله، وبما يتفق مع نور الهدى الإسلامي الحنيف في العفة والفضيلة والتمسك بالأمانة والصدق والشرف والعدل والإخاء والبر والإحسان والتقوى والخشوع والورع والخوف من الله تعالى، وذلك حتى يشعر الإنسان فعلًا بعذوبة الإيمان وآثاره النفسية العظيمة والعميقة في شعور الإنسان ووجدانه وقلبه، وحتى يمتلئ قلبه بالإيمان ويعمر بالإيمان، ويضمن الفوز في الدنيا والآخرة.
الآثار النفسية الطيبة للإيمان
للإيمان بالله الخالق العظيم آثار نفسية عميقة، تجعل الإنسان المؤمن يشعر بالأمان والاطمئنان والهدوء والسكينة، كما يشعر بالرضا والقناعة وقبول قضاء الله وقدره بنفس راضية وهادئة وقلب مطمئن، كذلك فإن الإيمان بالله تعالى يجعل صاحبه يشعر أنه ليس وحده في هذا الكون الفسيح، ولكن الله الخالق العظيم يقف بجواره وبجانبه يسانده ويرعاه في أوقات الشدة والصعاب ويلبي دعواه إذا ما ناداه، ولذلك يشعر بالأمن والإيمان والاطمئنان أن هناك قوة عظيمة ورحيمة ترعاه وتحيطه بالعطف والرعاية والحب والحنان والحماية، فلا يشعر أنه وحده يقف في مهب الريح تعصف به الأنواء والأعاصير ومشاكل الحياة، ولذلك من شأن الإيمان أن يشعر صاحبه بالسعادة النفسية، وبالتكيف عن نفسه وعن الناس.
والإيمان يمنح صاحبه قوة وعزمًا وإرادة، ويجعله يتوكل على الله، ويرضى بقضاء الله وقدره، وإذا كان قد أخطأ فإنه يعلم أن أبواب التوبة مفتوحة ولذلك يتحرر المؤمن من مشاعر الذنب ومن لوم الذات.
جوانب الإيمان
تتعدد مجالات الإيمان أو أبعاده ليشمل جميع جوانب حياة الفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة، حيث يشمل الإيمان بما يلي:
1- الإيمان بالله تعالى الخالق العظيم خالق هذا الكون ومدير أموره.
2- الإيمان بإلهية الله تعالى للأولين والآخرين.
3- الإيمان بأسماء الله الحسنى وصفاته العظيمة.
4- الإيمان بالملائكة.
5- الإيمان بكتب الله تعالى.
6- الإيمان بالقرآن الكريم وآياته.
7- الإيمان بالرسل عليهم السلام جميعًا.
8- الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، خاتم الرسل.
9- الإيمان باليوم الآخر.
10- الإيمان بعذاب القبر أو نعيمه.
11- الإيمان بالقضاء والقدر.
12- الإيمان بالتوحيد في عبادة الله تعالى وحده لا شريك له.
13- الإيمان بأولياء الله الصالحين وكراماتهم.
14- الإيمان بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبغي بمعنى أن يكون المسلم مواطنًا إيجابيًا وليس سلبيًا.
15- الإيمان بوجوب محبة رسول الله.
16- الإيمان بطاعة ولاة الأمور الصالحين.
وهناك العديد من الأدلة العقلية والنقلية على صحة هذا الإيمان، ووجوب تحلي المسلم به.
والمؤمن بالله ورسوله وملائكته يشعر بالأمان والاطمئنان، وينتظر الثواب العظيم لما للإيمان من فضل جليل لصاحبه في الدنيا وفي الآخرة. فالإيمان يساعد على التمتع بالصحة النفسية والعقلية الجيدة، ويشعره بالرضا والسعادة والأمن والأمان والاطمئنان ويفتح له أبواب التوبة وينتظر الثواب العظيم من الله تعالى.
وبذلك يتحرر المؤمن من مشاعر الغل والبغض والحسد والغيرة والانتقام والأذى والكراهية، وبدلًا من ذلك يعمر قلبه بالإيمان وبالإخاء والتسامح والصفح والعفو والرحمة والشفقة والعدل.
القيمة العلاجية للإيمان
ولقد أدرك القيمة العظيمة للإيمان المنصفون من أهل الغرب من أمثال عالم النفس السويسري كارل جوستاف يونج (1875 – 1961م) حيث قال إنه فحص الحالات النفسية لكثير من المرضى الذين ترددوا عليه من جميع أنحاء العالم، ووجد أن اضطرابات أولئك الذين يزيد عمرهم على الخمسة والثلاثين عامًا كانوا مرضى بسبب افتقارهم للإيمان.
فالإيمان من فضائله تمتع صاحبه بالصحة العقلية والنفسية الجيدة، وفي الإيمان حماية من الإصابة بهذه الاضطرابات أو التعرض لها.
ويتحدث أ.د.عبدالمنعم الحفني عن الشفاء الديني أو العلاج الديني ويقصد به الشفاء من خلال الإيمان.
فيؤدي إلى انحسار الاضطرابات البدنية والعقلية عن المريض من خلال تدعيم إيمانه العميق، وذلك من خلال ممارسة الصلاة وباقي العبادات أو بمساعدة شخص آخر متدين.. وعودة الإنسان إلى حظيرة الإيمان تحرره وتخلصه من الأزمات والتوترات والأمراض والنفسية والعقلية.
بقلم: الدكتور عبد الرحمن محمد العيسوي – أستاذ علم النفس