لطالما الانتقال من حالة اليقظة إلى فقدان الوعي أثار اهتمام العلماء والفلاسفة على حد سواء، ولكن كيفية حدوثه ظل لغزًا – حتى الآن. من خلال دراسات أجريت على الفئران، حدد فريق من الباحثين في جامعة بنسلفانيا اللحظة الدقيقة لفقدان الوعي الناجم عن التخدير، ورسم خريطة لما يحدث في مناطق مختلفة من الدماغ خلال تلك اللحظة”.
أوضح الباحثون أن لهذه الدراسة آثارًا على البشر وكذلك على حالات أخرى لفقدان الوعي، مثل النوم. ونشروا نتائجهم في مجلة العلوم المتقدمة (Advanced Science).
قال نانيين تشانغ، المؤلف المشارك ورئيس قسم تصوير الدماغ في مؤسسة دوروثي فوهير هوك وجيه لويد هوك وأستاذ الهندسة الطبية الحيوية في جامعة ولاية بنسلفانيا: “يفهم علماء الأعصاب عمومًا التغيرات الجزيئية التي تحدث للمريض أثناء التخدير. لكننا لم نفهم بعد بوضوح كيف تتفاعل مناطق الدماغ المختلفة أو الدوائر العصبية مع المخدر لتسبب فقدان الوعي. هدفت دراستنا إلى سد هذه الفجوة المعرفية”.
للوصول إلى هذا الهدف، جمع الباحثون بين تقنيتين: التسجيل الكهربائي الفيزيولوجي والتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي. من خلال تسجيل الإشارات الكهربائية الدماغية بدقة وبسرعة، تمكن الباحثون من تحديد اللحظة بالضبط التي ينتقل فيها الفأر من اليقظة إلى اللاوعي.
ثم قاموا بعد ذلك بتركيب هذه البيانات المختومة بالوقت مع خريطة التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي للنشاط في الدماغ بأكمله للتحقيق في مناطق مختلفة من الدماغ أثناء هذا الانتقال. وقال تشانج “لقد وجدنا أن هناك ثلاث مناطق في الدماغ أظهرت تغيرات مؤقتة في أنشطتها خلال لحظة فقدان الوعي: القشرة الجبهية الأمامية الوسطى، والحُصين، والمهاد”.
في حين تم الإشارة إلى هذه المناطق في الحالات اللاواعية في الأدبيات العلمية الموجودة، فإن بحثنا كان الأول الذي أشار إلى كيفية تفاعل هذه المناطق مع بعضها البعض، وما هو نوع الدور الذي قد تؤديه أثناء لحظة فقدان الوعي. وقال الباحثون إن العمل السابق لم يشر أيضًا إلى ما إذا كان النشاط في تلك المناطق الثلاث سببًا أو نتيجة لفقدان الوعي. وتشير نتائج تشانغ وفريقه إلى أن فقدان الوعي قد يكون ناتجًا عن أحداث متسلسلة في هذه المناطق الثلاث، في حين أن الزيادة في النشاط في مناطق قشرية أخرى قد تكون نتيجة لفقدان الوعي وليس سببًا له، وفقًا لتشانغ.
هذا الاكتشاف يفتح آفاقًا جديدة لفهمنا لآليات فقدان الوعي، والتي يمكن أن تساهم في تطوير علاجات أفضل للأمراض التي تؤثر على الوعي، مثل الصرع والغيبوبة. كما يمكن أن يساعد في تحسين تقنيات التخدير الجراحي.