الصحة والغذاء

هل يمكن أن نتجنب السمنة؟

الدكتور / خالد علي المدني استشاري التغذية

شهدت المملكة العربية السعودية تطوراً إيجابياً سريعاً في الفترة الأخيرة – والحمد لله- في جميع المجالات عامة، وفي القطاع الصحي خاصة.

ونظراً لنجاح السياسة الصحية التي تتبناها وزارة الصحة، وتركيزها على اعتبار أن الرعاية الصحية الأولية هي القاعدة الأساسية لنظام الخدمات الصحية ونقطة الاتصال الأولى في تقديم الخدمات الصحية والعلاجية والوقائية وكذلك التوعية، وإن من أساسيات عمل الرعاية الصحية الأولية توفير الرعاية الغذائية لأفراد المجتمع بتعزيز التغذية الجيدة والسليمة ونشر التثقيف والوعي الغذائي.

ويمكن تطوير خطة لتقديم برامج التغذية عبر المراكز الصحية الأولية وتشمل هذه الخطة إنشاء عيادات تغذية في مراكز الرعاية الصحية الأولية الرئيسية لكل قطاع بكل منطقة صحية ، أو مديرية. وتكون هذه العيادات مدعمة بأخصائي تغذية، وتزويد العيادات بالوسائل والإمكانات اللازمة (مقاييس الطول ، والوزن ، ونماذج الأطعمة، ومطبوعات التوعية … الخ) والهدف من إنشاء هذه العيادات هو:

1- تقويم الحالة الغذائية للأسرة للتعرف على أمراض ومشاكل سوء التغذية في المجتمع.

وذلك من خلال إعداد نموذج خاص لتقويم الحالة الغذائية والتاريخ الغذائي للأسرة، لتكون ضمن البيانات الرئيسية في الملف العائلي الصحي بمراكز الرعاية الصحية الأولية. ومن خلال هذا التقويم يتم معرفة التاريخ الغذائي لأفراد الأسرة والمشكلات الصحية الناشئة عن سوء التغذية إن وجدت، وكذلك التعرف على العادات الغذائية على الطبيعة، ومن خلال جمع هذه الإحصاءات بالتعاون مع قسم التغذية بالمديرية يتم إعداد وتطبيق برامج التوعية التي تساعد المواطنين على تجنب العادات الغذائية السيئة، والتعرف على الوسائل والبرامج التي تمنع وتعالج هذه المشكلات الغذائية والقيام بإعدادها، والإشراف على تنفيذها في المراكز المختلفة.

2- إعداد وعرض البرامج المناسبة للتوعية الغذائية الصحية عن طريق الوسائل السمعية والبصرية والمقروءة، وعرضها أيضاً في المناسبات المختلفة على المواطنين والمرضى بالتعاون مع مسئولي التوعية الصحية بالمديرية .. مع التركيز على النقاط الآتية:

  • التوعية بتصنيف الغذاء المتناول، مع زيادة استهلاك الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة.
  • الإقلال من تناول الدهون وخصوصاً الدهون المشبعة بحيث لا تزيد الدهون الكلية عن 30%، والدهون المشبعة عن 10% من السعرات الحرارية اليومية وذلك بزيادة تناول الخضروات والفاكهة والحبوب والبقوليات والإقلال من تناول صفار البيض والزيوت والدهون والمقليات والمأكولات الدهنية الأخرى. كذلك استبدال لحوم الماشية بالأسماك ولحوم الطيور (الخالية من الجلد) واستبدال الحليب والأجبان كاملة الدسم بالحليب والأجبان خالية أو منخفضة الدسم مع الإقلال من تناول الأطعمة الجاهزة السريعة كالبيتزا والهامبورجر إذ إنها تحتوي على نسبة عالية من الدهون.
  • زيادة تناول الكربوهيدرات المركبة المتوفرة في الخضروات والفاكهة والحبوب الكاملة (غير منزوعة القشرة) حيث أنها تحتوي على كثيرٍ من الفيتامينات والمعادن بالإضافة إلى أنها قليلة السعرات الحرارية وتحتاج إلى مدة أطول للهضم وتعطي إحساساً بالشبع.
  • اكتساب عادة ممارسة الرياضة والحركة باختلاف أنواعها وfs’I hglad H, hgiv,gm flu]g 3 hgn 5 lvhj Hfأبسطها المشي أو الهرولة بمعدل 3 إلى 5 مرات في الأسبوع ولمدة نصف ساعة كل مرة، لأن التمرينات الرياضية تزيد من نسبة الأنسجة العضلية وتقلل من نسبة الأنسجة الدهنية في الجسم.

هـ- التوعية بأهمية قراءة المعلومات الغذائية على الأطعمة لمعرفة المعلومات المفيدة ومحاولة الاستفادة منها.

  • الكشف الطبي الدوري المنتظم ولا سيما بالنسبة للذين يعانون من السمنة، حيث يجب عليهم عمل تحاليل وفحص طبي شامل سنوياً.
  • معرفة الوزن المناسب للطول باستخدام الجداول القياسية حتى يمكن حساب عدد الكيلو غرامات الزائدة.
  • البدء بتطبيق برنامج غذائي متوازن وقليل السعرات الحرارية، ويفضل ألا يقل البرنامج عن 1000 سعر حراري خاصة عند المراهقين والشباب.
  • الابتعاد عن المفاهيم والاعتقادات الغذائية الخاطئة المتعلقة بالسمنة.

3- استقبال المرضى المحولين من قبل الطبيب المعالج ذوي العلاقة بالتغذية، مثل مرضى السمنة وذلك لتحديد وصفات غذائية (حمية)، وكذلك إعطائهم القوائم الغذائية المناسبة للحالة، وشرح طريقة تطبيقها في المنزل بالوجبات الغذائية المعروفة، أي ترجمة توصيات الطبيب من الحمية والسعرات الحرارية إلى وجبات غذائية بصورة عملية سليمة تتناسب والحالة المرضية مع استعمال نماذج الأطعمة ووسائل الإيضاح، وكذلك تعريف وإرشاد المرضى بالحالة المرضية وعلاقتها بالأطعمة والغذاء، مع تعريف المريض بالمجموعات الغذائية الرئيسية، وكيفية استخدام البدائل الغذائية.

4- القيام بتوعية الأمهات، من خلال مراكز الرعاية الصحية الأولية، والتنسيق مع الجمعيات النسائية الخيرية بالمنطقة ومدارس البنات. وكذلك إعداد نشرات، ومطبوعات بالتوعية الغذائية الصحيحة خلال مراحل العمر المختلفة.

5- تدريب الفئات المتخصصة العاملة بعيادات التغذية، بمراكز الرعاية الصحية الأولية على تطبيق برامج التغذية الوقائية، وبرامج التغذية العلاجية للمرضى، إضافة إلى مشاركتهم في الدراسات الغذائية التي تساهم في رفع مستوى صحة المجتمع.

6- مشاركة المراكز الصحية الأولية في عمل أسبوع للتغذية (التغذية وصحة المجتمع مثلاً)، كمشروع وطني على غرار أسبوع المرور والنظافة والشجرة … إلخ. والقيام بحملات إعلانية وإعلامية في المجتمع ومشاركة طلبة المدارس وغيرهم من الجهات ذات العلاقة، وعمل لوحات إعلانية وشعارات عن التغذية وعلاقتها بالصحة، والقيام بندوات مكثفة في ذلك الأسبوع، وعمل سباق جري للمسافات الطويلة لتوضيح أهمية الرياضة والتغذية السليمة على صحة الإنسان.

7- مشاركة المراكز الصحية الأولية الجهات المعنية (وزارة الزراعة والجامعات) في إحياء يوم الغذاء العالمي (16 أكتوبر من كل عام) إعلامياً لنشر الوعي الغذائي الصحي بين فئات المجتمع.

8- تدعيم دور المسنين الأهلية (الأربطة) بالتوعية الغذائية للقائمين على عمليات خدمات التغذية، وإجراء تقييم للحالة الغذائية للنزلاء.

9- قيام أقسام التغذية بالمناطق الصحية، بالتنسيق مع الوزارة، والجهات المتخصصة والعلمية المختلفة، كالجامعات ومراكز الأبحاث، بتوفير المعلومات اللازمة للمساهمة في تطبيق برامج التغذية من خلال مراكز الرعاية الصحية الأولية.

دور  مهم للتعليم

         لوزارة التعليم دور هام في تدعيم برامج التغذية للنشء (الركيزة الأساسية لمستقبل الأمم)، من خلال زيارات ميدانية من أخصائي التغذية في الوحدات الصحية للمدارس بالمنطقة، للتوعية الغذائية للطلبة والعاملين بالمدارس، وذلك بعد التنسيق مع إدارة المدرسة للقيام بما يلي:

  1. تعليم التلاميذ القواعد الأساسية للتغذية السليمة بطريقة بسيطة ومسلية مع المواد العلمية الأخرى، وذلك بطريقة نظرية مباشرة أو تطبيقية.
    1. تنشيط أهمية جلب صندوق الطعام المحتوي على وجبة متوازنة خفيفة من المنزل، وليس بالأهمية الشراء من مقصف المدرسة لضمان النظافة الصحية ومباشرة الأسرة للبرنامج الغذائي اليومي للأطفال.
    1. عمل كتيب خاص بالتنسيق مع وزارة الصحة، يوزع على مقاصف المدارس ويوضح فيه الأغذية الصحية لشرائها للتلاميذ وكذلك الأطعمة التي تكسبهم البدانة حتى يتجنبوا شراءها.
    1. تصحيح بعض العادات الغذائية الخاطئة مثل عدم تناول الخضروات، أو تناول كميات كبيرة من الحلويات، كذلك الإقلال من استهلاك الدهون لتجنب الزيادة في الوزن (البدانة) والتي ظهرت كمشكلة بين طلاب المدارس.
    1. محاولة تقديم وجبات متوازنة في المدرسة للطلبة مجاناً، أو بقيمة رمزية وتشمل هذه الوجبات مصادر مختلفة للبروتينات مع الخبز والفاكهة، والخضروات واللبن. وسيمد هذا البرنامج التلميذ بما لا يقل عن نصف احتياجاته الغذائية اليومية، مما يساعد على تعويض النقص في تغذية المنزل، هذا بالإضافة إلى أنه يعلم التلميذ بطريقة غير مباشرة نوعية الأغذية الجيدة.
    1. الاهتمام بتحسين المقاصف بحيث تراعي الشروط الصحية المطلوبة من قبل الجهات الصحية، ويجب ألا نغفل أن المقصف المدرسي هو جزء من النشاط التعليمي للتلاميذ، وأن وجود مقاصف ذات مستوى صحي مميز يعطي انطباعاً جيداً للتلاميذ ويزيد من وعيهم الصحي.
    1. محاولة التركيز على الارتقاء بالعادات الصحية المرتبطة بالأغذية، والصحة الشخصية، مثل أهمية غسل الأيدي قبل الأكل وبعد، كذلك بعد الخروج من الحمام، وعدم شراء الأطعمة من الباعة الجائلين، وغسل الخضروات والفاكهة قبل الأكل مما يقي من الإصابة بالأمراض المعوية المعدية والتي تسبب سوء التغذية.
    1. إدخال جزء مكثف من التوعية الغذائية في المناهج الدراسية خلال مراحل الدراسة المختلفة.

هذا وقد تبنت مؤخراً وزارة الصحة بالتنسيق مع وزارة التعليم  البرنامج الوطني لمكافحة الأمراض غير المعدية والوقاية منها والذي يهدف إلى تنفيذ حملة توعوية صحية عن الأمراض غير المعدية وذلك لشريحة مهمة من المجتمع (بنين وبنات) في المرحلة المتوسطة.   

ويمكن الاستنتاج   أن نسبة السمنة في المملكة العربية السعودية تعد من أعلى النسب العالمية ولا تعتمد على العامل الغذائي والنشاط البدني فقط بل إن هناك العديد من العوامل الاجتماعية والصحية والنفسية التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالسمنة. لذا يجب إعطاء أولوية لإجراء دراسة شاملة حول العوامل المرتبطة بالسمنة في المجتمع السعودي وذلك لمعرفة الأسباب الحقيقية لظهور هذا المرض وذلك من أجل وضع خطة وقائية وعلاجية لكافة أفراد المجتمع بحيث يشارك فيها الأفراد والجهات الحكومية ووسائل الإعلام المختلفة وشركات صناعة الأغذية وذلك لتطوير بيئة إيجابية جديدة لا تؤدي إلى زيادة الوزن.

اضف تعليق

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم