الصحة والغذاء

لا تكوني كقطعة ثلج!

في هذا المقال سوف ألقي الضوء على خطأ زوجي خاص بالنساء فقط، خطأ تقع فيه النساء دون الرجال والسبب يعود لعدة أسباب:

أولاً: تكوين المرأة النفسي الذي جبل على الرعاية والعطاء والاهتمام خصوصًا لمن تحب وتهتم لأمره.

وثانيًا: إيمان المرأة ببعض المعتقدات والمفاهيم القديمة والبالية التي لم تعد تنفع لزماننا هذا ولا لرجال هذا الزمان.

هذا الخطأ يقع بطريقة متدرجة متسلسلة خفية على مدار سنوات من الزواج، ولا تكتشفه بعض النساء إلا بعد فوات الأوان أو بعد تكبدها لخسائر فادحة في علاقتها الزوجية.
هذا الخطأ هو ذوبان المرأة في العلاقة الزوجية وفقدان الهوية الذاتية والاستقلال النفسي.
وهذا الخطأ تقع فيه الكثير من النساء من بداية الزواج، فتجد الفتاة بعد الزواج تتوقف عن ممارسة كل شيء يميزها وربما جذب زوجها لها من البداية فتجدينها تتخلى عن عالمها الخاص بها قبل الزواج، فتترك صديقاتها وهواياتها من قراءة ورسم وديكور وكتاباتها وأيضًا أحلامها وآمالها ومشاريعها.. وتتوقف عن علاقاتها الاجتماعية وتبادل الزيارات مع الآخرين، فتنحصر زياراتها بالواجب أو صلة الرحم  فقط لا غير، وتبدأ في الدوران في فلك الزوج.

أين ذهب؟ ومع من يجلس؟ ولماذا يفعل ما يفعل؟ ولماذا لا يفعل؟ ولماذا هو سرحان؟  وهل هو سعيد معها؟ وهل يحبها أكثر الآن أم أقل؟ وماذا يحب وماذا يكره؟

فتلاحقه باهتمامها فيصبح هاجسها الأكبر هذا الرجل معتقدة أنها كلما فكرت به أكثر وكلما التصقت به أكثر واتصلت عليه كل ساعة زاد حبه وتعلقه بها أكثر وأكثر.
غير أن المتفهم لنفسية الرجل يعرف ويدرك جيدًا أن ملاحقة الرجل والالتصاق به من قبل المرأة لا يتوافق ولا ينسجم مع طبيعة الرجل وتركيبته النفسية التي جبله الله عليها، فملاحقة الرجل تجعله ينفر من المرأة أكثر وأكثر.

وهنا تحدث السلسلة المدمرة للعلاقة، فعندما ينفر أو يهرب الرجل يزيد قلق المرأة وخوفها من فقدانه أو فقدان حبه وتعلقه بها، فتبدأ بملاحقته أكثر وأكثر ويزيد انسحابه أكثر وأكثر وهكذا.
والمرأة التي تفعل ذلك ترتكب خطأ فادحًا لأنها تخترق أهم قواعد العلاقة الزوجية الصحيحة والمستقرة، حيث إن الزواج الصحيح هو الذي يحافظ به الزوجان على استقلال شخصياتهم وخصوصياتهم وهواياتهم مع القدرة على تكوين علاقة شراكة متكافئة،
فمن الصحي والضروري للمرأة أن تفكر بصيغة «أنا» بعض الأوقات بدلًا من صيغة «نحن» التي تستخدمها طوال الوقت في التفكير واتخاذ القرارات بشأن علاقتها الزوجية، ودائمًا تردد «أنا وزوجي واحد، لكن هذا شيء لا يفعله الرجل ألا نادرًا جدًا.
فأنا ذكرت في بداية المقال أن هذا الخطأ خاص بالمرأة دون الرجل لأن الرجل في الواقع لا يمكن أن يذوب في كيان العلاقة الزوجية ويفقد خصوصياته.. لا يمكن أن ينسى أحلامه.. وهواياته.. ورغباته من أجل زوجته، بل يحافظ عليها وعلى ممارستها حتى لو أدى ذلك للكثير من المشاكل مع زوجته.. فمثلاً الكثير من الفتيات تشتكي من إصرار وحرص زوجها على الذهاب للاستراحة ولعب الورق مع أصدقائه أو ممارسة هواياته الخاصة به قبل الزواج على الرغم من غضبها أو حزنها أو حتى إغرائها له.
أما الفتاة فتجدينها تتخلى عن كل ما سبق من دون أن يطالبها أحد بذلك، فتذوب تمامًا في علاقتها الزوجية غافلة أنه بفعلها ذلك تكون قد تخلت عن جزء منها، جزء ربما هو ما أثار إعجاب زوجك بك.
وحتى لو كان هو من طلب منك التخلي عنها من أجله، إنها بفعلها ذلك ترتكب خطأ كبيرًا.

لماذا؟ لأن الرجل يحب المرأة الواثقة.. القوية التي تعرف ما تريد وتعرف كيف تحصل عليه.. المرأة الناجحة والمميزة.. المرأة التي لها عالم خاص بها تستمتع وتسعد به بوجود الرجل أو من دونه.. المرأة التي تمتع بالغموض نوعًا ما، فهي ليست كالكتاب المفتوح أمام زوجها يعرف كل تفاصيل حياتها.. وعلاقاتها.. وأهلها.
الرجل يعجب بالمرأة
التي تمتلك مشاعرها.. وتعرف كيف تكون سعيدة بذاتها، فليست ممن تدور في ملكوته وتعلق سعادتها به، فتسعد عندما يكون راضيًا عنها وتنهار وتحزن عندما يغضب أو ينشغل عنها.
أما تلك المرأة التي يعرف أنها قابعة بالبيت تنتظره، ومن أول ما يدخل المنزل تلاحقه من غرفة إلى غرفة، وإذا خرج تلاحقه بالاتصالات، هذه المرأة يفقد الرجل الاهتمام بها لا شعوريًا مهما كانت.. لماذا؟ بسبب تركيبة الرجل النفسية والجينية، لأن الرجل جبل على حب الصيد، فهو يحب أن يلاحق المرأة لمحاولة التقرب إليها وكسب رضاها.. أن يشعر أنه يستطيع الفوز بقلبها والنجاح بإسعادها حتى لو قال عكس ذلك.

 لكن لو كانت تلك المرأة رامية بنفسها تحت قدميه لفقد اهتمامه بها وشعوره بقيمتها، وبدأ بالبحث عن إنسانة تثير اهتمامه وغرائزه.. لهذا نصيحة مهمة لكل زوجة، توقفي عن التفكير المستمر بكيفية إسعاد زوجك، واجعليه يشعر بأنه يستطيع إسعادك من خلال إبداء سعادتك وفرحك بما يقوم به.. وراقبي النتائج المبهرة على سلوكه، فمن خلال عمل هذه الفكرة غيرت الكثير من العلاقات الزوجية.. عندما توقفت الزوجة عن التفكير كيف أسعده كيف أكسبه، وبدأت تفكر كيف أحسسه أني سعيدة معه وبما يفعل من أجلي.
ولا تنسي احتفظي بشخصيتك.. احتفظي باستقلاليتك.. احتفظي بمواصفاتك وهواياتك التي أحبك زوجك من أجلها، وإياك أن تتخلي عن أي جزء من حياتك، لأن هذا ما جعله يعجب بك ويحبك بالبداية.

نورة الصفيري – الاختصاصية النفسية والاستشارية الأسرية

اضف تعليق

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم