الصحة والغذاء

حـــول مـــائــدة السكر والكولسترول!

وعدت أسرة صديقي (شعيب) أنني سوف أدلي لهم بحديث مفصل عن المائدة الإسلامية بعد أن نتناول الغداء؛ أما لماذا بعد الغداء؟ فلأنني أعلم أن مائدة الغداء عادة يئن ظهرها من صنوف الطعام الصحي منها وغيره، إذ لا يقيمون وزنًا لتوازن هذه الأصناف مع بعضها، ولا يبالون بمدى ملاءمتها للكبير منهم والصغير، للبدين منهم والنحيف، ولكن جل اهتمامهم ينصب على أكثر الأصناف تكلفة وحداثة، ظنًا منهم أن الطعام كلما كان (إفرنجيًا) وأكثر كلفة، كان تعبيرًا عن إكرام الضيف!

وما توقعته حدث بالفعل، إذ وجدت المائدة تعج بكل الأصناف المؤدية إلى ارتفاع الضغط والسكر والكولسترول.

وبعد أن التهم الجميع أصناف الطعام دونما اعتبار للتوازن بين نوعياتها وكمياتها، رأيت أغلبهم يضعون أيديهم على بطونهم ويتنفسون بصعوبة بسبب شدة الامتلاء!

قلت لهم: ما كان لكم أن تتأوهوا هكذا لو اتبعتم القاعدة الإسلامية التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي جاء فيها: «نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع». ويقول: «بحسب ابن آدم لقيمات يقمن بها أوده (وفي رواية يقمن بها صلبه) ثم قال: «فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه (بفتح الفاء)؛ وهذا ما أوجزه سبحانه وتعالى في سورة الأعراف إذ يقول تعالى:(وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين). 

وإذا كانت هذه الآية تتحدث عن الكم، فإن هناك آيات تتحدث عن الكيف، أي التنوع والتوازن في الطعام، منها قوله تعالى في سورة الطور:(وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون). فضرب لنا سبحانه المثل في التوازن بين أصناف الطعام بالفاكهة واللحم.

سألني أحد أبناء (شعيب): ما رأيك، هل النباتيون على صواب صحيًا فأنضم إليهم؟ أجبته على الفور: النباتيون يا بنيّ قسمان، الأول بحكم الملة كالبوذية والهندوسية، فكلتاهما تحرم أكل اللحوم وتحتم على أتباعها الحصول على غذائهم من النبات! وأما القسم الثاني فهم يعتقدون ــ خطأ ــ أنهم أفضل من الذين يتناولون أغذية متوازنة (نباتية وحيوانية)!

وهنا قاطعني أحدهم متسائلًا: ومن أين لنا بهذه الثقافة الغذائية؟ أجبته: إن للثقافة الغذائية مصادر متعددة مطبوعة، ومسموعة، ومرئية، ومن تلكم المطبوعة: (مجلة عالم الغذاء). 

قال ابن صديقي شعيب: إذن التوازن في الغذاء أفضل. قلت: وهذا ما يدعو إليه الطب النبوي ويؤيده الطب الحديث.. قالت أخته: ولكن في القرآن الكريم يقسم الله سبحانه وتعالى (بالتين والزيتون) وهما من النبات، أليس هذا دليلًا على تفضيل النبات وأغذيته، وخصوصًا التين والزيتون؟ قلت: ليس ذلك يعني تفضيلًا للنبات وأغذيته عن سائر الأغذية، وإنما يمكن أن نستخلص من ذلك إشارة إلى أهمية هذين النباتين من حيث قيمتهما الغذائية.

وهنا صاحت الابنة الصغرى قائلة: كفى كلامًا عن التين والزيتون، ائـتنا بشيء من نوادر أشعب. قالوا جميعًا في صوت واحد: صدقت يا أختاه، ماذا لديك من نوادر أشعب؟ قلت: اسمعوا بعضًا مما لدي:

– اقتحم أشعب إحدى الولائم بدون دعوة، وكان والي المدينة مدعوًا إليها، فجعل أشعب يلتهم من جميع أصناف الطعام كمن لم يذق طعامًا من قبل، وبعد الطعام طلب الوالي إحضار أشعب أمامه ثم سأله: هل دعيت إلى هذه الوليمة؟ أجاب: لا.. قال الوالي: ألم تعلم أن من حضر وليمة بغير دعوة كمن دخل البيت سارقًا؟ رد أشعب: لا والله. فتعجب الوالي وقال: كيف ذلك؟، قال أشعب: عادة ما يقول أصحاب الولائم للطهاة، زيدوا في الطعام فقد يحضر إلينا من نريده ومن لا نريده، وأنا ممن لا يريدهم صاحب الوليمة! فتبسم الوالي من قولته وتركه يذهب إلى حال سبيله .   

– دخلت امرأة على أشعب وهو يتناول الغداء مع زوجته، فدعاها إلى الغداء فجلست، وبسرعة أخذت عرقوب الدجاجة وما عليه (وعرقوب الطائر هو مؤخرة الساقين)، وكان أهل المدينة يسمونه (عرقوب رب البيت)، فتعجب أشعب من هذه الجرأة، ثم قام من مكانه وخرج من البيت، ثم عاد وطرق الباب يستأذن في الدخول، فنظرت إليه امرأته وقالت له: ماذا دهاك يا أشعب؟ قال: أستأذن في الدخول! قالت أتستأذن وأنت رب البيت؟ قال: لو كنت رب البيت ما كان العرقوب بين يدي هذه المرأة!

إعداد الإذاعي: طنطاوي البحطيطي

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم