الصحة والغذاء

الطب البديل هل يكون بديلاً عن الطب الحديث؟

*: هل يكون الطب البديل بديلًا بالفعل عن الطب الحديث أم هو مكمل له؟

د. نادية عبد العزيز العيسى، مديرة مركز البحوث والدراسات الطبية: لقد قمنا في مركز البحوث بجامعة الملك سعود بتنظيم ندوة عن منظومة الطب البديل بعنوان: (رافد لا منافس) تم خلالها مناقشة هذه الإشكالية، واخترنا شعار الندوة (الإنسان داخل هلال)، وهو رمز الطب الحديث، وعلى الجانب الآخر الغصن وهو رمز الطب البديل.

ومن أهم الأسباب التي دفعتني لإقامة هذه الندوة ما لمسناه من اندفاع ونهم من غالبية المجتمع نحو ممارسات الطب البديل.

فبحسب البحث الاستطلاعي الذي قمنا بإجرائه قبيل انعقاد الندوة ووفقًا لبعض الدراسات الاجتماعية، وجدنا أن نحو ثلث السكان في غالبية مناطق المملكة تلجأ لهذا النوع من الطب.  كما أن معظم الناس أصبحت ترى في الطب البديل (كأن به حل سحري لأمراضهم)، وأصبحوا يفضلونه عن الذهاب للمستشفيات وإجراء الفحوص والإشاعات حتى الأمراض المستعصية كالسرطان أصبح لها حل علاجي في الطب البديل.

ولذلك وجدنا نحن كجهة مسؤولة في الجامعة أن نربط العلم بالمجتمع، من خلال إلقاء الضوء على هذه الثقافة وتوضيح جوانبها الإيجابية والسلبية، وحاولنا أن نشدد على أن الطب البديل لا يغني عن الطب الحديث على الأقل في المستقبل المنظور.

ثقافة مجتمعية

*: ذكرتم أن ثلث السكان تقريبًا يلجؤون إلى الطب البديل.. فما أهم الأسباب التي جعلت الناس تلجأ للطب البديل؟

د. نادية عبد العزيز العيسى، مديرة مركز البحوث والدراسات الطبية: أول شيء, الثقافة المجتمعية والتراث والتجارب، فمنذ القدم ونحن لدينا (الطبيب الشعبي). وقد كان يعالج بعض الأمراض بفعالية مثل أمراض العظام، مما جعل شريحة كبيرة تثق  بهذه الممارسات بشكل مطلق، لكن أحيانًا تكون هذه الثقة في غير محلها. لأننا نجد ممارسات كثيرة هدفها فقط الربحية  مثل الماء المقروء عليه وبعض الخلطات العشبية المركبة ذات الأثر السيئ أو غير المضمون.

*: إذًا هل هناك فئة أكثر من غيرها تلجأ للطب البديل؟

د/ مها داغستاني، مديرة مختبرات كلية العلوم بجامعة الملك سعود يصعب القول أن فئة أكثر من غيرها، فهناك الشريحة المثقفة والمتعلمة في المجتمع تلجأ للطب البديل بكثرة. ويكمن هذا من وجهة نظري في أن (المعالج بالطب البديل) يأخذ  المريض كوحدة واحدة، فهو يعالجه نفسيًا وروحانيًا واجتماعيًا وفي  النهاية جسديًا بخلاف الطب الحديث مما يجعلنا نرتاح أكثر لهذا النوع من الطب.

لكن مع شيوع هذه الممارسات وجدنا الآن مستوصفات  وعيادات تحت مسمى الطب البديل ترتكب بها بعض التجاوزات، فقد شاهدت بنفسي أحد مستوصفات الحجامة وقد دخلت حوالي مئة سيدة للعلاج بدون وجود متخصص، أو قياس الآثار الجانبية لهذه الممارسة، أو الاهتمام بالنظافة ووجود درجات تلوث عالية.

ومن الجيد أن انتبهت وزارة الصحة مؤخرًا لهذه الأماكن وقامت بمراقبتها وتقنينها والتفتيش عليها، بل ذهبت إلى إغلاق بعضها.

ومما يجعل كل فئات المجتمع تلجأ إلى الطب البديل هو وجوده في تراثنا بكثرة فشاهدناه ونحن صغار، وكذلك وجود الطب النبوي كأحد فروعه كل هذا ساهم في شيوع الطب البديل.

عجز العلم

د. عبدالله البداح، (استشاري طب الأسرة والمجتمع):أجد أنه ضعف التواصل بين فريق الطاقم الطبي من (أطباء وممرضين وصيادلة) وكل الطاقم والمريض سواء في المجتمعات الشرقية أو الغربية أو حتى مجتمعاتنا العربية من الأسباب التي جعلت الناس يلجؤون لممارسات الطب البديل، فنجد أن ثقافة التواصل ضعيفة وتكاد تكون غائبة على الرغم من أنها مهارة يمكن اكتسابها.

كذلك وقوف العلم عاجزًا أمام بعض الأمراض وأحيانًا يعترف بعجزه وأحيانًا يكابر في الاعتراف بهذا العجز.

وهناك جانب آخر مهم وهو الحملات التسويقية المكثفة التي استخدمت هذه الممارسات خاصة المرتبطة بالمنتجات (كخلطات الأعشاب المركبة أو المفردة) أو المرتبطة بالأجهزة كـ “الماكروبيوتك” وهو عالم تجارة ضخمة له معارض وتجارة خاصة به، كذلك العلاج بالإبر الصينية أصبح عالمًا من البزينس الضخم الذي ساهم كثيرًا في  انتشار الطب البديل.

*: أليس مصطلح (طبيعي) واقترانه بالطب البديل هو أحد أسباب الانتشار؟

د. عبدالله البداح، (استشاري طب الأسرة والمجتمع):أود أن أشير هنا إلى تقديري للزملاء في هيئة الغذاء والدواء لأنهم أطلقوا حملة ناجحة شعارها “طبيعي لا تعني آمن”، وشعار آخر “لا تجعل الخلطة غلطة” وبالفعل ليس كل ما هو طبيعي آمنًا. ** نشر هذا التقرير في النسخة الورقية من مجلة عالم الغذاء

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم