الصحة والغذاء

(الحميات) قد تسبِّب الأمراض!!

هناك الكثيرُ من الأنظمة الغذائية (الحميات) التي نجدها متوفِّرةً في الصيدليات وغيرها لإنقاص الوزن بسرعة، منها ما هو منخفضُ الكربوهيدرات، أو منخفض السُّعرات الحرارية، أو للتخلُّص من السموم.. إلخ. هناك إذًا خياراتٌ كثيرة لبرامج غير مألوفة من الأنظمة الغذائية تطمح إلى ذلك.

والسؤالُ الكبير هو: هل هذه الأنظمة الغذائية الجديدة تعمل؟ معظمُها يعمل مؤدِّيًا إلى نقصٍ سريع وأحيانًا مثير في الوزن؛ ولكن يطرأ هذا النقصُ على الكيلوغرامات التي سوف تعود لتتسلَّل إلى الجسم مرَّةً أخرى في نهاية هذه الأنظمة الغذائية.

والأكثر إزعاجًا، أنَّ العديدَ من هذه الصَّرعات في الأنظمة الغذائية مستندةٌ إلى علوم غير أمينة، أو معلومات غير مستندة إلى أيَّة أبحاث، حيث تقوم هذه الأنظمةُ الغذائية الجديدة بوصف ممارسات غير صحِّية في الأكل، وقد تؤدِّي إلى الأمراض.

لذلك، تحذِّر الجهاتُ الصحِّية من اتِّباع الأنظمة الغذائية الشائعة التي قيل عنها إنَّها مركَّبة، فهي لا تستند إلى أدلَّة علمية، ولم تؤدِّ إلى نقص الوزن على المدى الطويل حسب ما أفادت به التقارير.

نذكر فيما يلي بعضًا من المشاكل المتعلِّقة بهذه الأنظمة الغذائية غير المألوفة، إضافةً إلى نصائح حول الأكل الصحِّي وكيفية إنقاص الوزن بصورة صحِّية.

بعضُ الأنظمة الغذائية قد تسبِّب الأمراض

إنَّ العديدَ من هذه الأنظمة الغذائية، لا سيَّما القاسية منها، موجَّهة بشكلٍ كبير إلى إنقاص السُّعرات الحرارية التي يستهلكها الناس. يقول خبراءُ التغذية إنَّ الأنظمةَ الغذائية القاسية تجعل الأشخاصَ يشعرون بالتوعُّك الشديد، وبأنَّهم غير قادرين على العمل بشكل صحيح، وذلك لأنَّها غير متوازنة من ناحية المواد المغذِّية، وبالتالي يمكنها أن تؤدِّي إلى حالة صحِّية سيِّئة على المدى الطويل.

خطرُ استبعاد بعض الأطعمة

توصي بعضُ الأنظمة الغذائية بالاستغناء عن بعض الأطعمة، مثل اللحوم أو الأسماك أو القمح أو منتجات الألبان. إنَّ الاستغناءَ عن بعض المجموعات الغذائية كليًّا يُمكنه أن يمنعَ الشخصَ من الحصول على العناصر المغذِّية والفيتامينات المهمَّة التي يحتاج إليها الجسم ليعمل بشكلٍ صحيح. يمكن للشخص أن يُنقصَ وزنَه من دون استبعاد المواد الغذائية من نظامه الغذائي.

الحِمياتُ منخفضة الكربوهيدرات

هناك بعضُ الحِميات تكون فقيرةً جدًا بالكربوهيدرات التي تعدُّ مصدرًا أساسيًا للطاقة، وبينما أنَّه قد ينقص الوزنُ بتناول هذه الأنواع من الحميات، إلاَّ أنَّها غالبًا ما تكون عالية المحتوى من الدهون والبروتين، الأمر الذي قد يؤدِّي إلى حدوث الأمراض. ويمكن للحِميات المنخفضة الكربوهيدرات أن تسبِّبَ آثارًا جانبيةً أيضًا، مثل رائحة النَّفَس الكريهة والصُّداع والإمساك. وقد قيل إنَّ المحتوى البروتيني العالي في هذا النوع من الحميات يثبِّط الشهيةَ والشعور بالجوع. يساعد كثيرٌ من أنواع هذه الحِميات المنخفضة الكربوهيدرات على تناول أطعمة غنيِّة بالدهون المشبَعة، كالزبدة والجبنة واللحوم. وإنَّ تناولَ الدهون المشبعة بإفراط، يُمكنه أن يرفعَ الكولستيرول، ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.

حمياتُ التخلُّص من السموم غير مفيدة

تستند حمياتُ التخلُّص من السموم إلى فكرة مفادها أنَّ السمومَ تتراكم في الجسم، وأنَّه يمكن إزالتُها عن طريق تناول أو عدم تناول أطعمة معيَّنة. ولكن ليس هناك دليل على أنَّ السمومَ تتراكم في أجسامنا؛ ولو كان ذلك الأمر صحيحًا لشعرنا بالتوعُّك الشديد. ربَّما تؤدِّي حمياتُ التخلُّص من السموم إلى نقص الوزن، لأنَّها تنطوي على تحديد السُّعرات الحرارية، واستبعاد بعض الأطعمة كليًا، كالقمح أو منتجات الألبان، وتناول مجموعة محدودة جدًا من الأطعمة. يقول الخبراءُ عن حميات التخلُّص من السموم إنَّها لا تفيد؛ وإنَّها، في الحقيقة، أحدُ أشكال الصِّيام المعدَّل.

الحِميات الأخرى غير المألوفة هي حِمياتٌ شاذَّة غالبًا

تستند بعضُ الحميات غير المألوفة إلى تناول مادَّة غذائية واحدة، أو تناول وجبة واحدة، مثل شوربة الملفوف أو الأطعمة النيِّئة. وهناك حِمياتٌ أخرى تُطلق دعاوى شاذَّة، منها على سبيل المثال أنَّه يجب استبعادُ بعض الأطعمة من النظام الغذائي الخاص بالشَّخص بناءً على نوع فصيلة دمه. لا يوجد هناك، في غالب الأحيان، أدلَّةٌ (أو أنَّها ضعيفة) لدعم هذه الإدِّعاءات. يقول الخبراء: عند اتِّباع حميات من هذا النوع لفترات طويلة، يتبيَّن أنَّها حمياتٌ غير متوازنة أبدًا ومضرَّة بالصحة. قد ينقص وزنُ الشخص على المدى القصير، ولكن من الأفضل بكثير أن ينقصَ وزن الشخصُ تدريجيًا وهو في حالة صحِّية جيِّدة.

الطريقةُ الصحية لإنقاص الوزن

عندما تتجاوز السُّعراتُ الحرارية التي يتناولها الشخصُ تلك السعرات الحرارية التي يحرقها من خلال أنشطته اليومية العادية ونشاطه البدني، عندئذٍ يزداد وزنه.

الطريقةُ الوحيدة لإنقاص الوزن بصورةٍ صحِّية، وتجنُّب السِّمنة، هي إجراء تغييرات دائمة في طريقة تناول الطعام وممارسة الرياضة. إنَّ بعضَ التعديلات الصغيرة، كتناول كمِّيات أقل واختيار مشروبات قليلة الدهون والسكَّر، يُمكنها أن تساعدَ على إنقاص الوزن. كما أنَّ هناك الكثير من الطرق لجعل النشاط البدني جزءًا من حياة الناس.
إذا كان الشخصُ زائدَ الوزن، فليهدف إلى إنقاص حوالي 5 – 10٪ من وزنه الذي يكون عليه عندَ ابتدائه بالحِمية، وذلك عن طريق خسارة نصف كيلوغرام إلى واحد كيلوغرام أسبوعيًا. كما يجب أن يكون هذا الشخصُ قادرًا على خسارة هذا المقدار إذا قلَّل من تناول السعرات الحرارية بمقدار 500 إلى 600 سعرة حرارية تقريبًا عن مستوى حاجته اليوميَّة.

طرقٌ لإنعاش خطة صحِّية لإنقاص الوزن

نذكر هنا ستَّةَ أشياء بسيطة يمكن لأيِّ شخص القيام بها لكي يتناول الطعام بالطريقة الصحِّية، وتساعده على إنقاص الوزن.

· تقليل كمِّية الدهون التي يتناولها: يمكن للشخص أن يخلِّصَ اللحوم من الدِّهن، ويشرب الحليب المنـزوع الدسم كليًا أو المنـزوع الدسم جزئيًا عوضًا عن الحليب الكامل الدسم، ويختار الموادَ القابلة للدَّهن والمنخفضة أو القليلة الدَّسم، ويستبدل بالقشطة اللبن القليل الدسم.

· تناول الأطعمة ذات الحبوب الكاملة، مثل الخبز المحضَّر من حبوب القمح الكاملة، والرز الأسمر، والمعكرونة السمراء. حيث يجري هضمُها بشكلٍ أبطأ من الأصناف البيضاء، ولذلك فهي تساعد على الشعور بالشبع لفترة أطول.

· عدم ترك وجبة الفطور: تقدِّم وجبةُ الفطور الصحيَّة مقدارًا كافيًا من الطاقة التي يحتاج إليها الشخصُ لابتداء يومه، وهناك بعضُ الأدلَّة على أنَّ الأشخاص الذين يتناولون الفطور بانتظام هم أقل عرضةً لزيادة الوزن.

· محاولة تناول خمس حصص على الأقل من مجموعة متنوِّعة من الفواكه والخضار يوميًا.

· عندَ الرغبة بتناول وجبة خفيفة، على الشخص أن يحاولَ تناول مشروب ما أوَّلاً، مثل كأس من الماء أو كوب من الشاي؛ ففي كثيرٍ من الأحيان نعتقد أنَّنا جوعى في الوقت الذي نكون فيه عطشى في الواقع.

استبدال المشروبات العالية السعرات الحرارية وتناول أخرى ذات محتوى أقل من السعرات الحرارية، أي المشروبات التي هي ذات محتوى أقل من السكَّريات والدهون؛  وشرب المياه الفوَّارة مع شريحة من الليمون بدلاً من أيِّ شراب غازي سكَّري.

التمارينُ الرياضية وإنقاص الوزن

إنَّ ممارسةَ النشاط البدني بانتظام لا يساعد فقط على نقص الوزن، ولكن يمكنه أن يُقلِّلَ أيضًا من خطر الإصابة بالأمراض الخطيرة.
يعتمد مقدارُ النشاط البدني الموصى به على عمر الشخص: يجب أن يسعى البالغون، الذين تتراوح أعمارُهم من 19 إلى 64 سنة والذين هم غير معتادين على ممارسة الأنشطة البدنية، إلى زيادة مدَّة النشاط إلى 150 دقيقة من التمارين الهوائية المعتدلة الشدَّة أسبوعيًا.

إعداد: الدكتور محمد خليل

أخصائي باطني

اضف تعليق

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم