الصحة والغذاء

البطاطا.. الكنز الدفين

يُشار إلى أن كلمة بطاطا اشتقت من كلمة بتاتا (Batata) من لغة الهنود الحمر في جنوب أمريكا، وأن الإسبان هم من أدخلها للغات الأوروبية في القرن السادس عشر.

ثم انتقلت هذه الكلمة إلى اللغات العربية والإنجليزية (بوتيتو) والبرتغالية (باتاتا). أما في البلدان الأوروبية فقد أعطيت البطاطا الاسم الحرفي «لتفاحة الأرض». أما في اللغة الإسبانية المستخدمة في أمريكا الجنوبية فما زالت هذه الدرنة تعرف باسمها الأصلي الذي أطلقته عليها قبائل كويشوا وهو «بابا».

ويعد نبات البطاطا نباتًا حوليًا عشبيًا ينمو حتى ارتفاع قد يصل إلى ١٠٠ سم، وينتج درنة تسمى بطاطا أيضًا. وتتبع البطاطا فصيلة الباذنجانيات من النباتات المزهرة، والاسم العلمي لها هو (Solanum tuberosum).

البطاطا.. غذاء

والبطاطا غنية جدًا بالكربوهيدرات؛ ما يجعلها مصدرًا جيدًا للطاقة، ويشكل النشا نحو ٦٠ إلى ٨٠% من المادة الجافة. كما أنها تحتوي على أعلى كمية من البروتين بين عائلة محاصيل الجذور والدرنات، بنسبة تقارب نحو 2.1% على أساس الوزن الطازج.

ويماثل محتوى البطاطا من البروتين محتوى الحبوب على أساس الوزن الجاف. ويعد بروتين البطاطا ذا جودة عالية نوعًا ما، كما أن نمط الأحماض الأمينية فيه مناسب تمامًا لاحتياجات بني البشر.

  إضافة إلى ذلك، فإن البطاطا غنية كذلك بمغذيات صغرى كثيرة، لاسيما فيتامين ج؛ حيث تقدم الدرنة التي يبلغ وزنها ١٥٠جم نصف احتياجات البالغين اليومية من هذا الفيتامين بكمية تبلغ نحو ١٠٠ ملجم إذا ما جرى تناولها مع قشرتها. كما تعدّ البطاطا مصدرًا للحديد، ويساعد محتواها العالي من فيتامين ج على امتصاص الحديد. وتحتوي كذلك على خُمس ما نحتاجه للاستهلاك اليومي من البوتاسيوم.

وعلاوة على ذلك، تعتبر البطاطا مصدرًا جيدًا لفيتامينات ب1 و ب3 وب6 إلى جانب الأملاح المعدنية كالبوتاسيوم والفسفور والمغنيسيوم، كما تحتوي على حمض الفوليك وحامض البنتوثنيك والريبوفلافين. وتحتوي أيضًا على بعض مضادات الأكسدة الغذائية التي يمكن أن تؤدي دورًا في الوقاية من أمراض الشيخوخة، بالإضافة إلى احتوائها على الألياف الغذائية المفيدة للصحة. كما أنها تتميز بانخفاض محتواها من الدهن.

انتبه لطريقة الإعداد

وتعتمد القيمة التغذوية للبطاطا كذلك على طريقة التجهيز.

ونظرًا لعدم إمكانية هضم النشا الموجود في البطاطا النيّئة من جانب بني البشر، يجري تجهيزها للاستهلاك بواسطة السلق (مع القشرة أو بدونها) أو الخبز أو القلي. وتؤثر كل واحدة من طرق التجهيز المذكورة على تركيب البطاطا بصورة مختلفة، غير أنها جميعًا تخفض محتوى البطاطا من الألياف والبروتين، وذلك نتيجة رشحها إلى ماء الطهي وزيته، أو تلفها بسبب المعالجة الحرارية، أو إحداث تغييرات كيماوية عليها كالأكسدة.

فالسلق – الذي يعدّ أكثر طرق تجهيز البطاطا شيوعًا في العالم – يتسبب في فقد كمية ملموسة من فيتامين ج، لا سيما إذا سلقت البطاطا وهي مقشورة. كذلك يؤدي قلي شرائح البطاطا ورقائقها لبرهة قصيرة في الزيت الحار (١٤٠ – ١٨٠° مئوية) إلى امتصاص كثير من الدهن وتخفيض محتواها من الأملاح المعدنية وفيتامين ج بصورة ملموسة. كما يتسبب الخبز بصورة عامة في فقد كميات فيتامين ج أكبر قليلاً مما يسببه السلق وذلك نتيجة لدرجات حرارة الفرن العالية، غير أن كميات الفيتامينات الأخرى والأملاح المعدنية المفقودة خلال الخبز تكون أقل.

كما أن البطاطا بمفردها لا تؤدي إلى السمنة، بل إن الشعور بالشبع الناجم عن تناول البطاطا يمكن أن يساعد الأشخاص على ضبط أوزانهم. لكن تجهيز البطاطا وتقديمها مع مكونات عالية الدهن يرفع القيمة الكالورية للطبق. ومثال ذلك أن حبة بطاطا متوسطة الحجم مسلوقة تحتوي على حوالي 100سعر حراري، اما إذا كانت مقلية فالسعرات تتضاعف.

 وتعد أفضل طريقة للحفاظ قدر الإمكان على القيمة الغذائية للبطاطا هو سلق الدرنات بقشرتها؛ حيث يساعد ذلك في منع فقد الكثير من المغذيات.

ويجب أن يقدم إلى جانب البطاطا شيء من الخضار والحبوب الكاملة حتى تصبح الوجبة الغذائية متزنة، وألا يتم الاعتماد عليها كغذاء أساسي فقط.

استخدامات غذائية عديدة

تستخدم البطاطا بعد حصادها لمجموعة من الأغراض. وتشير تقديرات منظمة الفاو إلى أن ما يزيد على ثلثي كمية البطاطا التي أنتجها العالم عام ٢٠٠٥ قد استهلكه الناس كغذاء بصورة أو بأخرى. حيث يتم خبز البطاطا الطازجة أو سلقها أو قليها واستخدامها في مجموعة كبيرة من وصفات إعداد الأطعمة.

غير أن الاستهلاك العالمي للبطاطا كغذاء يتحول الآن عن البطاطا الطازجة صوب منتجات البطاطا المصنعة ذات القيمة المضافة. وأحد البنود الرئيسية في هذه الفئة هو البطاطا المجمدة التي تجهز بطريقة بسيطة؛ حيث تلقى حبات البطاطا المقشورة عبر شفرات تقطيع، ثم تسلق وتجفف في الهواء، وبعد ذلك تقلى نصف قلي ثم تجمّد وتعبّأ. وثمة منتج آخر مصنّع من البطاطا هو رقاقات البطاطا المقلية، وهو يعد ملكًا على الأغذية الخفيفة في كثير من البلدان المتقدمة.

أما رقائق البطاطا المجففة وحبيباتها فيتم تصنيعها بتجفيف البطاطا المطهية المهروسة إلى درجة رطوبة تبلغ ٥ إلى ٨%. ثم يجري استخدامها في تصنيع منتجات البطاطا المهروسة التي تباع بالتجزئة، وكذلك كمكونات في الأغذية الخفيفة. كما أن هناك منتجًا آخر مجففًا هو دقيق البطاطا الذي يتم طحنه من بطاطا كاملة مطهية، ويبقى محتفظاً بطعم البطاطا المميز. وتستخدم صناعات الأغذية هذا الدقيق الخالي من الجلوتين والغني بالنشا كمادة رابطة في خلطات اللحوم وكذلك لزيادة كثافة صلصات مرق اللحم والشوربات.

وأخيرًا يجري تسخين البطاطا المسحوقة لتحويل النشا الموجود فيها إلى سكر قابل للتخمر في كل من أوروبا الشرقية واسكندنافيا، حيث يستخدم هذا السكر في صناعة بعض المشروبات.

وفضلاً عن استخدام البطاطا كغذاء لبني البشر، يستخدم نشا البطاطا كذلك على نطاق واسع من جانب صناعات المستحضرات الطبية والصناعات النسيجية وصناعات الأخشاب والورق كمادة لاصقة ومادة رابطة ومادة قوامية ومادة مالئة، كما يستخدم من جانب شركات التنقيب عن النفط لتنظيف حُفر الآبار. ويعدّ نشا البطاطا كذلك بديلاً قابلاً للتحلل ١٠٠ في المئة للبوليسترين والمواد البلاستيكية الأخرى، حيث يستخدم – على سبيل المثال – في صناعة الأطباق والصحون والسكاكين التي تستخدم لمرة واحدة فقط.

المرجع: (www.potato2008.org)

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم