لطالما ارتبط التفاح بالصحة الجيدة، حتى إن المثل الشائع يقول: “تفاحة في اليوم تغنيك عن زيارة الطبيب”. لكن هل هذه الفاكهة المتواضعة، التي ينتج العالم منها ما يقارب 100 مليون طن سنويًا، تمتلك بالفعل هذه القوة الخارقة؟ دعونا نتعمق في الحقائق.
تعود جذور هذا المثل إلى ويلز عام 1866، حيث كان يقال: “تناول تفاحة قبل الذهاب إلى السرير وسوف تمنع الطبيب من كسب قوت يومه”. ولكن، هل لهذه العبارة الراسخة أي أساس علمي؟ وهل التفاح صحي بشكل استثنائي مقارنة بالفواكه الأخرى؟
ما الذي يجعل التفاح صحيًا جدًا؟
يحتوي التفاح على مجموعة غنية من المواد الكيميائية النباتية، أبرزها:
- الفلافانول: ترتبط هذه المركبات بالحفاظ على وزن صحي وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.
- البوليفينولات: مثل الأنثوسيانين، التي تمنح قشور التفاح لونها الأحمر وترتبط بتحسين صحة القلب. والفلوريدزين، الذي يساعد في ضبط مستوى السكر في الدم.
- الألياف: وخاصة البكتين، الذي يقلل من البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة (LDL) – الكوليسترول “الضار” – في الدم. كما يقلل البكتين من امتصاص السكر والدهون من الطعام، مما يساعد على استقرار مستويات السكر في الدم.
تشير الدراسات إلى أن هذه العناصر الغذائية تقدم فوائد صحية ملحوظة:
- ربطت مراجعة عام 2017 لخمس دراسات بين تناول التفاح وانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 18%.
- وجدت مراجعة أخرى عام 2022، حللت 18 دراسة، أن تناول المزيد من التفاح أو منتجاته يمكن أن يقلل الكوليسترول إذا استمرت هذه العادة لأكثر من أسبوع.
- يمكن لنظام غذائي صحي بشكل عام، والذي يحتوي على مركبات نشطة بيولوجيًا مثل تلك الموجودة في التفاح، أن يقلل من خطر الإصابة بالسرطان بنسبة تصل إلى 40%. وقد ربطت بعض الدراسات تناول التفاح بانخفاض خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان.
التفاح: هل هو الأفضل بين الفواكه؟
بينما يرتبط تناول التفاح بانتظام بفوائد صحية متنوعة، السؤال هو: هل التفاح أكثر فعالية من غيره من الأطعمة النباتية في إبعاد الطبيب؟
تقول جانيت كولسون، أستاذة التغذية وعلوم الأغذية: “التفاح لا يحتوي على الكثير من فيتامين سي، ولا حديد أو كالسيوم، ولكنه يحتوي على العديد من المكونات الأخرى التي تعزز الصحة وتفعل أشياء رائعة للجسم.”
تشارك العديد من الفواكه والخضروات التفاح في احتوائه على البوليفينولات المفيدة، وهي جزيئات قوية مضادة للأكسدة. هذه المضادات تساعد على موازنة الجذور الحرة في أجسامنا، والتي يمكن أن تلحق الضرر بالخلايا. بالسيطرة على الجذور الحرة، يمكننا تقليل خطر الإصابة بأمراض مثل السرطان وأمراض القلب.
ما يميز التفاح هو احتوائه على الفلوريدزين، وهو بوليفينول أقل شيوعًا في الفواكه الأخرى، والذي يساعد في تقليل امتصاص السكر في الدم. كما يُعد التفاح مصدرًا جيدًا للمركبات الفينولية؛ حيث تشير الأبحاث إلى أن المركبات الفينولية الموجودة في التفاح ترتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان والربو والسكري والسمنة.
بالإضافة إلى محتواه الغذائي، يُوصي بعض العلماء بالتفاح بسبب توفره الواسع، مما يجعله خيارًا متاحًا وبأسعار معقولة للكثيرين.
هل تفاحة يوميًا تغنيك عن الطبيب؟
من الواضح أن التفاح يمكن أن يحسن صحتنا، لكن القول بأن تفاحة واحدة يوميًا ستغنينا عن زيارة الطبيب قد يكون مبالغًا فيه.
دراسة أجريت عام 2015 حللت بيانات ما يقرب من 9000 شخص ووجدت أن آكلي التفاح كانوا أكثر صحة بشكل عام. ومع ذلك، لم تجد الدراسة ارتباطًا إحصائيًا كبيرًا بين استهلاك التفاح المنتظم وتقليل زيارات الطبيب عند الأخذ في الاعتبار عوامل أخرى مثل التعليم وعادات التدخين.
لكن الدراسة كشفت عن نتيجة مهمة: الأشخاص الذين يتناولون التفاح يوميًا كانوا أقل اعتمادًا على الأدوية الموصوفة. يشير هذا إلى أن المثل الأنسب قد يكون: “تفاحة في اليوم تغنيك عن زيارة الصيدلي”.
يوضح الباحث الرئيسي ماثيو ديفيس أن “الافتراض الأساسي هو أنك لا تزور الطبيب إلا عند المرض، لكن الناس يزورونه لإجراء فحوصات سنوية وتدابير وقائية أخرى.” لذا، فإن انخفاض استخدام الأدوية الموصوفة يعني أن التفاح يقلل من احتمالية الإصابة بالأمراض المزمنة.
في النهاية، لا تكفي التفاحة وحدها لتجنب زيارة الطبيب العام. الأهم هو اتباع نظام غذائي صحي بشكل عام.
نصائح للاستفادة القصوى من التفاح
توصلت دراسات أخرى إلى فوائد صحية عند استهلاك أكثر من تفاحة واحدة يوميًا:
- في دراسة عام 2020، وجد الباحثون أن تناول تفاحتين يوميًا لمدة ثمانية أسابيع أدى إلى انخفاض ملحوظ سريريًا في مستوى الكوليسترول لدى المشاركين الذين يعانون من ارتفاع طفيف في الكوليسترول.
- أشارت دراسة أخرى إلى أن تناول ثلاث تفاحات يوميًا حفز فقدان الوزن بشكل كبير وحسن مستويات الجلوكوز في الدم لدى 40 امرأة تعاني من زيادة الوزن.
للحصول على أكبر فائدة من التفاح، تنصح فلافيا جوزو، الأستاذة المساعدة في علم الأحياء النباتية، بعدم إزالة القشرة. “يجب علينا أن نأكل قشر التفاح، لأنه يحتوي على معظم البوليفينول الموجود في التفاح.”
هل ستضيف تفاحة، أو أكثر، إلى نظامك الغذائي اليومي بعد معرفة هذه الفوائد؟
