أظهرت الأبحاث أن تناول حفنة من الجوز مع وجبة الإفطار قد يُحسّن مهارات التفكير، ولكن لا تتوقع تحسنًا فوريًا في الذاكرة. ذلك لأن هناك نمطًا مُفاجئًا للفوائد المعرفية لهذه المكسرات الغنية بالعناصر الغذائية.

وكشفت دراسة أجراها علماء في جامعة ريدينغ بتكليف من لجنة كاليفورنيا للجوز، أن تناول الجوز صباحًا يُحسّن من سرعة رد الفعل في مهام التفكير المعقدة طوال اليوم. إلا أن فوائد الذاكرة لم تظهر إلا بعد ست ساعات من تناوله، أي بعد فترة طويلة من توقع معظم الناس ظهور آثاره الغذائية.
شارك اثنان وثلاثون شابًا (تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا) في هذه التجربة المُحكمة، وزاروا المختبر مرتين. في إحدى الزيارات، تناولوا فطورًا مكونًا من 50 غرامًا من الجوز المطحون ممزوجًا بحبوب الموسلي والزبادي. وفي زيارة أخرى، تناولوا فطورًا متطابقًا تقريبًا، حيث استُبدل الجوز بالزبدة. احتوت كلتا الوجبتين على نفس السعرات الحرارية، مع أن فطور الجوز وفّر بشكل فريد أحماض أوميغا 3 الدهنية ومركبات نباتية تُسمى البوليفينول.
بعد الإفطار، أجرى المشاركون اختبارات معرفية في بداية الدراسة، ثم أُجريت لهم اختبارات أخرى بعد ساعتين وأربع ساعات وست ساعات. قاسَت هذه الاختبارات استرجاع الذاكرة، والوظائف التنفيذية (المهارات العقلية للتخطيط وضبط النفس)، والمزاج. كما سجل الباحثون نشاط الدماغ وجمعوا عينات دم.
في المهام التي تقيس الوظيفة التنفيذية – القدرات العقلية مثل التركيز واتخاذ القرار والتحكم في الدوافع – استجاب الأشخاص بشكل أسرع باستمرار بعد تناول الجوز مقارنة بوجبة الإفطار الأخرى.
وكشفت نتائج الذاكرة عن نمط غير متوقع. ففي اختبارات تعلم الكلمات، كان أداء المشاركين أسوأ بعد ساعتين من تناول الجوز مقارنةً بالمجموعة الضابطة. ولكن بعد مرور ست ساعات، انعكس هذا الوضع تمامًا، إذ أظهر آكلو الجوز فجأةً قدرة تذكر أفضل من المجموعة الضابطة.
قدمت مسوحات الدماغ أدلة إضافية حول هذه التأثيرات. أظهرت قراءات تخطيط كهربية الدماغ أنماطًا مختلفة للموجات الدماغية بين الحالات، وخاصةً في المناطق المرتبطة بالانتباه والذاكرة. وأظهر من تناولوا الجوز نشاطًا أقوى في نطاقات موجات دماغية محددة، مما يشير إلى مستويات مختلفة من الانخراط الذهني أثناء المهام.

وكشفت فحوصات الدم عن دليل آخر: ارتفاع مستويات الجلوكوز مع انخفاض الأحماض الدهنية بعد تناول الجوز. وأوضح الباحثون في ورقتهم البحثية “الغذاء والوظيفة” أن “الزيادات الطفيفة في توافر الجلوكوز قد تؤثر على توصيله وامتصاصه إلى الدماغ خلال فترات
أثبتت دراسات سابقة أن تناول المكسرات بانتظام يرتبط بتحسن الصحة الإدراكية. وأظهرت دراسة صحة الممرضات أن النساء الأكبر سنًا اللواتي يتناولن خمس حصص أو أكثر من المكسرات أسبوعيًا حققن نتائج أفضل في الاختبارات الإدراكية مقارنةً بغير المستهلكات.
ويعتقد العلماء أن فوائد الجوز للدماغ تنبع من ملفه الغذائي الفريد – فهو يحتوي على أحماض أوميغا 3 الدهنية، ومركبات البروتين، والمواد الكيميائية النباتية المفيدة التي تدعم وظائف الدماغ من خلال آليات مختلفة.
خلاصة القول؟ إذا كنت تفكر في تناول الجوز لصحة دماغك، فلا تتوقع فوائد فورية لجميع المهارات العقلية. فتأثيره على الذاكرة يستغرق وقتًا ليظهر، بينما تظهر التحسينات في سرعة رد الفعل والوظائف التنفيذية بشكل أكثر ثباتًا على مدار اليوم.
بالنسبة لأي شخص لديه مهام تتطلب جهدًا ذهنيًا في وقت لاحق من اليوم، فإن تناول حفنة من الجوز في الصباح قد يوفر له ميزة قيمة – فقط كن مستعدًا لنتائج مختلطة محتملة إذا كنت بحاجة إلى أداء ذهني عالي الجودة مباشرة بعد الإفطار.