الصحة والغذاء

ماهي علاقة الدواء بالغذاء؟

إن الوصفات الدوائية يمكنها أن تتعارض مع امتصاص أو هضم أو عمليات البناء والهدم والاخراج للغذاء والعناصر الغذائية، وبنفس الرؤية والمنطق يقوم الغذاء بنفس الدور من حيث التأثير على كفاءة وعمل العديد من العقاقير والأدوية وذلك من خلال التأثير   كان سلبيا أو إيجابيا  على الميتابوليزم وعلى وظائف العديد من الأدوية ، مما قد يؤدي  الى تحسين دور الدواء أو على الوجه الآخر قد يؤدي الى تعطيل عمل بعض الأدوية لذلك كانت أهمية الحديث عن العلاقة بين الغذاء والدواء .

وتأثير الغذاء على عملية الاحتراق أو عمليات التمثيل الغذائي للدواء نجده  يختلف . فهناك الغذاء الذى يؤدى الى الاقلال أو منع أو تنشيط امتصاص الأدوية وذلك من خلال التأثير على مدى إذابة الدواء ، أو على التأثير على كم من الوقت يستغرقه الدواء في المعدة أو الأمعاء ( وعلى سبيل المثال فان عنصر مثل الكالسيوم يمكنه الاتحاد بالمضادات الحيوية المحتوية على التتراسيكلين ويكون مركب واحد له القدرة على أن يعيد كل من الغذاء والدواء الى أن يكونا غير فعالين ) . كذلك حمضية المعدة لها تأثيرها على كفاءة الدواء المتناول ، كما أن زيادة الحامضية تقلل وتحد من الكفاءة الحيوية للبنسيلين ولكنها تحسن من امتصاص التتراسيكلين . كما أنه من المعروف أن الغذاء بصورة عامة يمكنه أن يحد من أو يحسن من امتصاص المضادات الحيوية .

لذلك كانت النصائح والإرشادات الطبية والتي يوصى بها الأطباء لمرضاهم بكيفية وتوقيت تناول الدواء الموصوف لهم وذلك من أجل توفير افضل فرص للاستفادة من العلاج المتناول إلا أن التزام المريض بهذه النصائح هو العامل الوحيد في كيفية تحقيق الاستفادة القصوى من الدواء المتناول . كذلك نجد أن كفاءة الدواء المتناول يمكن أن تختلف بسبب كيفية احتراق هذا الدواء في أعضاء مهمة بجسم الانسان كالكبد والأنسجة والكلى حيث أن الأدوية يتم احتراقها وعمليات الهدم والبناء لها من خلال طريقين اثنين الأول : بالأكسدة والتي تؤثر على احدى وظائف الدواء وهي أما أن تنشط أو تثبط من كفاءة الدواء المتناول ، أما الثانية : فهي عملية التقارن بين الدواء المتأكسد الى مادة غير فعالة يمكن أن تذوب في الماء وبالتالي يمكن افرازها باحدى طرق التخلص من الفضلات الزائدة عن الجسم . أما عن معدلات احتراق الأدوية في جسم الانسان يمكن تنشيطها من خلال الدواء نفسه أو ببعض العوامل الغذائية الأخرى مثل البروتينات والخضروات على سبيل المثال ، في حين أنه في أحوال أخرى نجد أن قلة البروتينات ونقص الفيتامينات وبعض العناصر الأخرى كالأملاح المعدنية وزيادة المواد النشوية يمكنهم أن يؤدوا الى تثبيط والاقلال من كفاءة الدواء المتناول وبالتالي تقل كفاءة الدواء ، لكن في معظم الأحوال نجد أن للغذاء دور فعال وكبير في رفع كفاءة الأدوية المتناولة وزيادة فعاليتها . وهناك بعض الأدوية يمكنها أن تتعارض مع بعض العناصر في الغذاء وتؤدي الى حدوث نتائج عكسية للنتائج المرجوة من الدواء  ومن أمثلة ذلك تعارض تناول بعض الأدوية مثل أدوية  الـ Monoaminoxidase Inhibitors  والتي تستخدم في علاج الاكتئاب والتي تتعارض مع تناول الأغذية التي تحتوى على عناصر الـ Tyramine  .

والأدوية كما يعرف العديد منا اما أنها قد يكون لها دور مركزي أو ثانوي في التأثير على الشهية وفقدانها كنتيجة لأعراض جانبية للدواء . فمثلآ أدوية مثل الـــ  Dopaminergics  ، والــ catecholaminergics  ، والـ  Levadopa   والذين يستخدمون في علاج الـشلل الرعاش يعملون مركزيا على فقدان الشهية ، أما أدوية مثل الـ Serotinergics  ، والـ endorphin modulators  يعملون على فقدان الشهية الثانوي من خلال منع تفريغ المعدة والاحساس بالامتلاء .

أما عن تأثير الجرعات المتناولة على الغذاء :  

نجد أن الأغذية في العديد من الأحيان يتم تناولها بجرعات كبيرة غير معتادة للحصول على فعالية لها مثال ذلك الـ Niacin  والذى يستخدم لتخفيض نسبة الكولسترول بالدم ، والـ Retrinol  وهو من مشتقات فيتامين أ والذى يستخدم في علاج حب الشباب ، وبعض الحالات المرضية الأخرى .

إن الطب الحديث أمدنا بالعديد من الأدوية النافعة والتي ليس فقط تحمى حياتنا بل أيضا تحسن من طبيعة حياتنا اليومية ، ولذلك فان كفاءة هذه الأدوية تتأثر بالأغذية وطعامنا ، وهذا التفاعل أو التداخل بين الغذاء والدواء يمكن أن يحمل في طياته العديد من المخاطر والمؤثرات سواء كانت هذه المؤثرات إيجابية أو سلبية  والتي تنعكس على صحتنا واجسامنا  ، لذلك كان من الضروري أن نهتم وندرس هذه العلاقة الوثيقة بين الدواء والغذاء والتداخل الحادث بينهما وتأثيره على صحتنا كبشر من أجل صحة افضل وكفاءة أعلى للدواء والغذاء على السواء .

أمثلة التداخل بين الغذاء والدواء :

هناك 3 طرق من التداخل بين الغذاء والدواء يمكن تلخيصها في الآتي :

  1. بعض الأدوية تتعارض مع الامتصاص والاخراج لبعض العناصر الغذائية أو قد تستخدم بعض هذه العناصر الغذائية في  العمليات الحيوية .
  2. بعض الأغذية يمكنها أن تؤثر ( تنشط أو تثبط ) عملية امتصاص الدواء من جسم الانسان .
  3. بعض الأغذية يمكنها أن تغير من التأثير الكيميائي للدواء المتناول بحيث يفقد هذا الدواء خاصيته المعالجة على الجسم وقد تكون هذه الخاصية من الخطورة بحيث تودي بحياة الشخص .

والمراحل الثلاثة السابق ذكرها يمكن أن تختلف من غذاء الى آخر ومن دواء الى آخر، وهذا يعتمد على العديد من المؤثرات منها جرعة تناول العلاج ، وشكل الدواء المتناول سواء كان سائلآ أو على هيئة اقراص أو كبسولات ……، كما أن هذه الخصائص تختلف تبعآ لجنس الشخص الذي يتناول الدواء ، وعمره ووزنه وحالته الغذائية وحالته الصحية . أما عن أشهر الحالات والتي يحدث فيها هذا التداخل بين الغذاء والدواء بصورة ملحوظة ومؤذية للشخص المتناول للدواء نجد مدرات البول على راسها ، والمضادات الحيوية المتناولة بالفم ، ومضادات التجلط ومخفضات ضغط الدم المرتفع وأدوية الغدة الدرقية .

تأثير الدواء على الحالة الغذائية للشخص : يمكن للدواء التأثير على الحالة الغذائية للإنسان بطرق شتى منها تنشيط اخراج وافراز بعض العناصر الغذائية ، أو بتثبيط امتصاص بعض العناصر الغذائية ، أو بالاقلال من قدرة الجسم من تحويل العناصر الغذائية الى مركبات غير مستقرة ( Unstable  ) ،وهذه الطرق السابق ذكرها تحدث تدريجيا مما يجعل تأثيرها يصبح أكثر فاعلية عند الأشخاص الذين يتناولون هذه الأدوية لفترات طويلة ، ولهؤلاء الأشخاص نعلمهم بأنهم عرضة للتعرض للنقص في الفيتامينات والأملاح المعدنية لديهم وما يتبعه من تأثير صحي ضار.

الأستاذ الدكتور

خــالد المنبــاوي

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم