الصحة والغذاء

ماء شريف مبارك.. طعام وشفاء

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري (كتاب أحاديث الأنبياء) أنه لما قدم سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى مكة مع زوجته هاجر وابنهما إسماعيل عليهما السلام وأنزلهما موضعًا قرب الكعبة التي لم تك قائمة آنذاك، ومن ثم تركهما وحدهما في ذلك المكان، ولم يكن مع هاجر سوى حافظة ماء صغيرة مصنوعة من الجلد سرعان ما نفدت وودعهما سيدنا إبراهيم عليه السلام وغادر ولم يلتفت إلى هاجر رغم نداءاتها المتكررة، لكنه أخبرها أن ما فعله هو بأمر الله فرضيت وقرت ومضى حتى جاوزهم مسافة وأدرك أنهم لا يبصرونه دعا ربه بقوله: «ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون».

وبعدما نفد الماء استهل الطفل بالبكاء ولم تكن أمه تطيق رؤيته يبكي فصدت عنه كي لا تسمع بكاءه، وذهبت تسير طلبًا للماء فصعدت جبل الصفا ثم جبل المروة ثم الصفا ثم المروة وفعلت ذلك سبع مرات تمامًا كما السعي الذي شرع من بعدها، فلما وصلت المروة في المرة الأخيرة سمعت صوتًا فقالت أغث إن كان عندك خير، فقام صاحب الصوت وهو جبريل عليه السلام بضرب موضع البئر بعقب قدمه فانفجرت المياه من باطن الأرض وظلّت السيدة هاجر تحيط الرمال وتكومها لتحفظ الماء وكانت تقول وهي تحثو الرمال زم زم، زم زم، أي تجمع باللغة السريانية ويقول الرسول محمد عليه الصلاة والسلام في هذا الأمر: رحم الله أم إسماعيل، لو تركته لكان عينا يجري أي أن مياهه كانت ستغدو ظاهرة وليست تحت الأرض كما هو حالها.

العلم الحديث وزمزم

منذ سنوات أجرى الدكتور محمد عزت المهدي، أستاذ الجيولوجيا في جامعة عين شمس بالقاهرة، أبحاثًا تؤكد أن ماء زمزم ينفرد بخصائص تميزه عن جميع أنواع المياه في العالم. من بينها أنه لا يتعفن ولا يتعطن ولا يتغير طعمه أو لونه أو رائحته، وأنه في هذا مثل عسل النحل الذي لا يتأثر بتعرضه للجو، مختلفًا في ذلك عما يحدث لجميع أنواع المياه الأخرى مثل مياه الأنهار والبحار والأمطار والمياه الجوفية، ويرجع ذلك إلى مكوناته الكيميائية، التي تمنع نشاط الجراثيم والبكتيريا والفطريات.

بالإضافة إلى ذلك، فإن ماء زمزم من أعظم المياه المعدنية المستخدمة في العلاج والاستشفاء على مستوى العالم.. ومن الأمور العجيبة في ماء زمزم، أنه حلو الطعم رغم زيادة أملاحه الكلية، فلا يشعر من يشربه بملوحته العالية، ولو أن نسبة الأملاح الموجودة في ماء زمزم، كانت في أي ماء آخر، لما استطاع أحد أن يشربه.

ويمتاز ماء زمزم عن غيره من المياه ومن حيث مقارنة البئر التي ينبع منها بغيرها من الآبار بالخصائص التالية:

– هذه البئر لم تنضب منذ أن ظهر للوجود، بل إنها يمدنا بالمزيد من الماء، ومن ذهب لبيت الله الحرام سيدهش من كثرته وكفايته لجميع الحجاج، وهو لا تزال تحتفظ بنفس نسب مكوناتها من الأملاح والمعادن منذ أن ظهرت للوجود حتى يومنا هذا.

– يتميز بوفرته رغم كثرة زوار بيت اللّه الحرام.

– إضافة لصلاحيته للشرب لجميع الحجاج من جميع أنحاء العالم، فلم يحدث أن اشتكى أي مخلوق من أثر مياهه على صحته أو ما شابه ذلك، بل على العكس فهم دائما ما يستمتعون بالمياه التي تنعشهم على الدوام، ولكن يلاحظ أن مذاق المياه يتغير عندما تنتقل إلى مكان آخر.

– مياه زمزم لم يتم معالجتها كيميائيًا أو بمواد التبييض كما هو الحال مع المياه التي تضخ للمدن.

– في حالة الآبار العادية يزداد النمو البيولوجي والنباتي في داخل البئر ما يجعل المياه غير صالحة للشرب نظرًا لنمو الطحالب وهو ما يسبب مشكلات في الطعم والرائحة، ولكن في حالة بئر زمزم، لم يكن هناك أي دليل على النمو البيولوجي.

ويساعد ماء زمزم على امتصاص العناصر الغذائية بكفاءة أفضل إلى داخل الجسم، كما يساعد الجسم في تمثيل المعادن المؤينة بسهولة أكبر، بالإضافة إلى أنه يساعد على تنظيم الهضم وتحسينه بصفة عامة بإعادة التوازن للجسم، ويقلل من تأكسد الأعضاء الحيوية ويدمر خلايا السرطان، وله معامل أكسدة واختزال سالب لذلك يعد وسطًا معاديًا للبكتيريا.

ماء نقي خال من الجراثيم

وقد أجرى مركز أبحاث الحج بجامعة الملك عبد العزيز دراسة تحليلية نشرت في كتاب (وصايا طبيب)، أظهرت نتائجها أن ماء زمزم نقي لا لون له ولا رائحة، ذو مذاق رائح قليلًا، أسه الهيدروجيني (7.8) وبذلك يكون قلويًا إلى حد ما ويحتوى على تركيزات عالية من الصوديوم والكالسيوم والماغنيزيوم والمعادن الأخرى، ولكنها تقع ضمن مقاييس منظمة الصحة العالمية ما عدا الصوديوم فهو مرتفع.
   وكشفت المعالجة بالأشعة فوق البنفسجية أن ماء زمزم خال من الجراثيم، ويؤكد هذا كتاب (المعتمد في الأدوية المفردة) حيث يقول إن أفضل المياه مياه العيون في الأرض الحارة، التي لا يغلب على تربتها شيء من الأحوال والكيفيات الغريبة، ويكون طين مسلكها حرًا، لا حمأة فيه ولا سبخة ولا غير ذلك فإن الطين يأخذ منه اللزوجات الغريبة، أو تكون حجرية فتكون أولى بأن لا تعفن عفونة الأرضية.

مما تقدم يتضح لنا أن ماء زمزم قلوي غنى بالمعادن المفيدة للجسم، ويوضح كتاب (التوازن في الصحة والمرض) فوائد شرب الماء القلوي المتأين حيث يمد الجسم بقدر كبير من الطاقة ويعادل الأس الهيدروجيني للجسم ويزيل الفضلات الحمضية من الجسم، كما أنه مضاد قوى للأكسدة ومزيل قوى للسموم (يمنح الإلكترونات لذرات الأكسجين النشطة الحرة).

ومن اللافت أنه أثناء التعرض للجو شديد الحرارة يحدث نقص في كل من الصوديوم والبوتاسيوم في سير الدم ومع المجهود الشديد يزيد معدل الفقد في كل من الصوديوم والبوتاسيوم مع زيادة كمية العرق، وهذا قد يفسر ارتفاع الصوديوم في ماء زمزم عن المعدل المسموح به لتعويض هذا النقص حيث الجو شديد الحرارة في الرحاب المقدسة.
وحول ذلك ذكر الإمام ابن القيم: وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أمورًا عجيبة واستشفيت من عدة أمراض فبرأت بإذن الله وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريبًا من نصف الشهر أو أكثر ولا يجد جوعًا.

كما قال الإمام ابن القيم في كتاب الطب النبوي وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم واستشفيت به من عدة أمراض ولقد مر بي بمكة سقمت فيه وفقدت الطبيب والدواء فكنت أتعالج بالفاتحة آخذ شربة من ماء زمزم وأقرؤها عليها مرارًا ثم أشربه فوجدت بذلك البرء التام ثم صرت أعتمد على ذلك عند كثير من الأوجاع فانتفع بها غاية الانتفاع.

من جهة أخرى، يذكر رئيس مركز أبحاث الحج الأسبق د.م. سامي عنقاوي، أنه لا أحد يستطيع أن ينكر فضل وبركة ماء زمزم، وأكد أنه مر عليه العديد من الحالات الموثوق فيها والتي تحكي عن شفاء أصحابها بحمد الله عند شربهم من ماء زمزم بنية الشفاء.
وقال عنقاوي: قمنا في المركز بدراسة لماء زمزم من منبعه لنرى هل فيه جراثيم؟ فوجدنا أنه لا يوجد فيه جرثومة واحدة!! فهو ماء «نقي طاهر»، مشيرًا إلى أن أهل مكة هم أكثر من يسمعون العديد من القصص الخاصة بفضل زمزم في علاج الأمراض.

وأشار إلى أن المهم هو الاعتقاد في بركة ماء زمزم، والبركة لا يمكن أن تظهر في المعمل، وبركة زمزم تعتمد على نوايا الأفراد ومدى تقربهم من الله، وإيمانهم به، مؤكدًا على وجود العديد من الروايات نقلت بالتواتر من جيل لجيل تقطع بفضل وبركة ماء زمزم.
وأوضح رئيس مركز أبحاث الحج على أن الدراسة العلمية من الصعب أن تثبت فضل زمزم في الشفاء لأن بركة الماء لا تظهر في الدراسات فهي من عند الله، والعلم لا يؤمن إلا بما هو مبني على دراسات ولا يعترف بالتواتر والأخبار.

إلى ذلك أظهرت دراسة قام بها رئيس معهد هادو للبحوث العلمية في طوكيو مساروا ايموتو، أن ماء زمزم يمتاز بخصائص فريدة لا تتوافر في المياه العادية، وكشفت البحوث العلمية التي أجريت على ماء زمزم بتقنية «النانو» عدم تغير أي من خواصه وأن قطرة من ماء زمزم عند إضافتها إلى 1000 قطرة من الماء العادي تجعل الأخير مكتسبًا لخصائص الماء المبارك.

قدسية وأسرار زمزم

هناك مقولة للكاتب السعودي الراحل عمر المضواحي: أن هذه البئر هي أقدس آبار المياه عند المسلمين، وليس هناك شراب على وجه الأرض يفوق مكانة ماء زمزم عندهم. ويحملون لهذا الماء ذي الطعم الفريد قدسية خاصة، ويؤمنون بأنه مكنوز بأسرار لا قبل للعقل البشري في استيعابها، أو لا يعرفون تفسيرًا لتغير خواصه ومنافعه وفق حالة شاربه ورغبته.
وهو في لغة «العارفين» بريد الأمنيات المحققة، ولا يخالط قلوبهم ذرة شك في أن «زمزم لما شرب له»، وبأنه كفيل بتحقيق أمنيات شاربه مهما كانت شرط أن يكون مؤمنًا صادق الإيمان والنية، غير مكذب لخاصيته ولا يفعل ذلك كنوع من التجربة، فشرب زمزم عندهم للخائف أمان، وللمريض شفاء، وللجائع طعام، ولا يخالط شاربه، لإيمانه القاطع بأسراره، أي عجب أو استنكار فيما لو تغير حاله من محض ماء، إلى شراب من سويق أو لبن أو عسل مصفي، للمنقطعين والعاكفين في البيت العتيق.

من مراجع الموضوع:

– حسان شمس باشا: وصايا طبيب دمشق دار العلم 1997.

– معهد أبحاث خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج.

– لينارد ميرفن: الفيتامينات والمعادن 1995 Vitamins and minerals.

اضف تعليق

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم