الصحة والغذاء

طفل ملول.. وأم حكيمة

التجديد مطلب إنساني غريزي يسميه البعض (حب الاستطلاع)، وهو مطلب فسيولوجي يرتبط بميل الإنسان نحو جديد الحياة وتجاوز حالة الملل التي تنتاب الناس صغارًا وكبارًا، فتجعلهم يبحثون عن كل جديد في حياتهم.

والطفل هو أكثر حبًا للاستطلاع، وأكثر شعورًا بالملل من تكرار ألعابه وكثرة استخدام كراساته وملابسه وحتى أصناف طعامه، فيتصرف بروح تبدو من خلالها حاجته للتجديد، فنراه يكرر طلب تغيير ألعابه في الأعياد وفي العطل المدرسية والمناسبات.

الروتين والرتابة

في المناسبات نرى الطفل يشتري بكل ما لديه من نقود ألعابًا مختلفة وربما تكون متشابهة، ولكن باختلاف اللون وبطريقة التصنيع، ونراه يمل من ملابسه فيطلب تغييرها حتى لو اقتصر التغيير باللون فقط، ونراه سريع التغيير لقنوات التلفزيون بحثًا عن برامج أخرى.. ونراه يبحث عن أصدقاء جدد آخرين وألعاب أخرى وهكذا.


وتفسير ذلك أن الأطفال هم الأكثر تأثرًا بنتائج نوبات الملل والرتابة والتي ربما تترجم نفسها بتصرفات وسلوكيات غير حميدة.. وتزداد هذه النتائج سوءا بين الأطفال الفقراء الذين لا يستطيع ذووهم تلبية حاجاتهم للتغيير والتجديد سواء بشراء الألعاب أو الكراسات وكل ما تتطلبه حاجات ورغبة التجديد لديهم.

وأيًا كان مستوى الطفل الاجتماعي والاقتصادي، فإن على الآباء والمربين أن يدركوا حاجاته المتجددة وميوله للتغيير، وبالحكمة والدراية فقط تستطيع الأم أو الأسرة تلبية هذه النزعة دونما هدر مالي، فقد تستطيع الأسرة الحكيمة امتصاص حالة الملل بإجراءات بسيطة غير مكلفة. نذكر منها:

·   تغيير الجو: اصطحاب الطفل في زيارات خفيفة للحدائق العامة، وممارسة الألعاب المتوفرة بها، بمشاركة رفقاء جدد.

– تجديد كراسات الرسم من حين لآخر، وليس بالضرورة أن تكون الكراسات وعلب الألوان من النوع الغالي الثمن، فهنالك ما يلبي رغبة الأطفال حتى من الأسعار الأقل، فالطفل لا تهمه الجودة بقدر ما يهمه تغيير اللون والتنوع في هذه الكراسات.

·   لا بأس من اصطحاب الطفل كلما سنحت الفرصة إلى محلات الوجبات السريعة، وأن يختار ما يرغبه منها، حينها سيعود منتشيًا إلى منزله.

· اصطحابه من حين لآخر إلى المكتبات الخاصة بالأطفال وإطلاعه على مطبوعات جديدة وشراء بعضها.

·   الرحلات العائلية: توفر للطفل بيئة وجوًا جديدًا، وقد يستمتع بأرجوحة بسيطة، أو بماء جدول ما، أو ممارسة بعض الألعاب المتوفرة في أماكن الرحلة.. كل هذه الأمور ستغير من نفسيته للأفضل، وسيشعر بنوع من التجديد والتغيير الذي يصبو إليه.

·   يرافق كل هذه الممارسات تثقيف الطفل حول اللعب والألعاب والاقتصاد في استعمالها، وتنظيم وقته بين اللعب والدراسة ومراجعة واجبات المدرسة، وتقنين وتنظيم ساعات التلفزيون والكمبيوتر والألعاب الأخرى المتاحة.

اجعليه متجددًا

كما تستطيع الأم بحكمتها أن تجعل طفلها في حالة متجددة، فعند إهدائه عدة ألعاب أو ملابس أو علب من الحلويات، وحتى كراسات، لا يسمح له استخدامها كلها في نفس الوقت، ولكن تقدم هذه الهدايا للطفل كلما حصل على علامات جيدة، أو قام بعمل جيد يستحق عليه المكافأة فتصبح هذه الهدايا حينئذ سلاحًا ذا فائدتين:

الأولى أن تقسيط الألعاب يوفر زمنا أطول لحاجة الطفل في التجديد.. والثانية لتكون هذه الهدايا تشجيعًا له على تحصيله الدراسي في مقبل الأيام، وتستطيع الأم الحكيمة أن تبقي عنصر المفاجأة السعيدة متوفرا للطفل بحيث تبرز له بين الحين والآخر علبة من البسكويت أو الألوان أو قميصًا جديدًا حتى تغطي الهدايا أطول فترة ممكنة من حاجته، وبنفس الوقت ترسيخ ثقافة الاقتصاد والابتعاد عن الهدر والإسراف.

«على الأم أن تجعل ابنها واثقًا بها بحيث لا تعده بما لا تستطيع حتى يكون متعاونًا معها حينما لا تستطيع تلبية حاجته فورًا، وحتى يصبح أكثر تقديرًا لموقفها وقدرتها على تلبية كل حاجاته في آن واحد..».

إعداد: بدرية محمد علي

اضف تعليق

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم