الصحة والغذاء

صبار الهوديا…قاهر السمنة

هل سمعت عن صبار «الهوديا  قوردونياي»، وما يقال عن قدراته الفائقة في التخسيس؟

 لقد ذاعت شهرته خلال السنوات الأخيرة كدواء مثبط للشهية، الأمر الذي جعل بعضهم يطلق عليه ألقابًا عديدة مثل «قاهر السمنة» و«النبات المعجزة». لكن لا توجد أدلة علمية تثبت مفعوله المثبط للشهية، فضلاً عن أضراره الجانبية المتعددة.

 إذًا ما سر ذيوع صيت الهوديا بهذا الشكل؟.. هذا ما سنكتشفه في السطور التالية..

حماية من الانقراض

ينمو صبار «الهوديا قوردونياي» طبيعيًا في جنوب إفريقيا ويطلق عليه رجال الأحراش هناك اسم «أوبا». وهو نبات شوكي غير ورقي، أزهاره لها رائحة اللحم العفن، وتنتقل حبوب لقاحه عن طريق الحشرات الطائرة. وهو نبات خاضع للحماية من الانقراض؛ حيث لا يسمح قانونًا بحصاده إلا من قبل الأفراد والشركات المرخص لها فقط.

ومنذ قرون عدة، يستخدمه السكان المحليون في جنوب إفريقيا في علاج سوء الهضم والإصابات البكتيرية البسيطة وتثبيط الشهية خاصة خلال رحلات الصيد الطويلة.

وفي عام 1977، أعلن الباحثون في «مجلس الأبحاث العلمية والصناعية» بجنوب إفريقيا نجاحهم في استخلاص مادة من الهوديا أطقلوا عليها اسم «P57»  وادعوا أن لها مفعولًا مثبطًا للشهية.

ورخص المجلس لشركة «فيتو فارم» البريطانية وشركة «فايزر» العالمية للأدوية لاستخلاص المزيد من المواد الفعالة من النبات ومحاولة التشييد الكيميائي للمكون المثبط للشهية. كما اعترف هذا المجلس عام 2002 م بحقوق قبيلة سان في عشبة الهوديا ومنحهم نسبة من أرباح تسويقها.

وتنتج الهوديا وتسوق الآن في عدة أشكال ومستحضرات مثل الكبسولات والأقراص والسوائل ومنتجات الشاي والقهوة والشراب وخلطات البروتين، ويوجد منها نحو 300 منتج.

فعالية مشكوك فيها

ورغم كل ذلك هناك شكوك كبيرة تحوم حول فعالية هذه العشبة في تثبيط الشهية.

فقد اعترف مسؤولو الأبحاث في شركة فايزر للأدوية بصعوبة التشييد الكيميائي للمكون المستخرج من عشبة الهوديا الذي ادعى مجلس الأبحاث العلمية والصناعية بجنوب إفريقيا تأثيره المثبط للشهية. كما وجدوا أن بعض المكونات في المستخلص النباتي تسبب آثارًا غير مرغوبة في الكبد وهذه المكونات يصعب التخلص منها. لذلك لم يتمكن أصحاب المنتج من الحصول على موافقة من «هيئة الغذاء والدواء» الأمريكية عليه.

وفضلًا عن ذلك، لا يوجد حتى الآن أي دليل علمي منشور في الدوريات العلمية المحكمة يثبت مفعول عشبة الهوديا كمثبط لشهية الإنسان وكل ما نشر لا يزيد عن دراسات مدعومة من قبل الشركات المسوقة لمنتجات الهوديا، كما أن معاملات الاستخدام الآمن والفاعلية لنبات الهوديا قوردونياي غير مدعمة علميًا.

كما صدرت تقارير علمية شككت في فاعلية النبات. 

فقد تم نشر تقرير علمي واحد عن دراسة الخلاصة النقية  (P57)  لهذا النبات على الحيوانات؛ حيث تم حقن عينة مباشرة في مخ الفئران. وأفاد المؤلف لهذا البحث العلمي بأن P57  يتحلل بسرعة بواسطة الأنزيمات الكبدية مما يصعب تتبع العقار ومفعولة.  أما العالم ماكلاين فقد حذر من أن المكمل الغذائي المستخدم حاليًا من نبات الهوديا قد يكون غير كاف لإحداث مفعول قائلًا: «أتسائل.. هل في هذا النبات مادة فاعلة كافية.. لإحداث أي مفعول؟!».

نصف المنتجات مغشوشة

وزيادة على كل ما سبق، فقد ثبت وجود الكثير من حالات الغش في هذا المنتج نتيجة لندرة نبات الهوديا؛ حيث إنه خاضع للحماية من الانقراض كما ذكرنا سابقًا.

فقد تبين أن العديد من المنتجات التي يدعي منتجوها احتواءها على الهوديا لا تحتوي على المكونات الرئيسية المثبطة للشهية. وقامت مختبرات «الكيميائي  للمنتجات  الصيدلية» بتحليل أقراص الهوديا المختلفة وأثبتت أن على الأقل نصف المنتجات المعلن عنها والمعروضة في الصيدليات ومحلات الأغذية الصحية لا تحتوي على هوديا.

إذًا ما سر الضجة والشعبية الكبيرة التي حظي بها هذا النبات؟!

المتابع لعمليات تسويق منتجات الهوديا،  يجد أن شهرته لم تأت من الأبحاث العلمية التي أجريت عليه ولكن من  التغطية الإعلامية المبالغ فيها ومجهودات التسويق المبذولة من قبل شركات المكملات الغذائية لهذا المنتج. وقد  بدأت هذا التأثير الإعلامي محطة التليفزيون البريطانية «بي بي سي» عام 2003 من خلال البرنامج الشهير «ستون دقيقة» في تقرير عن فاعلية نبات الهوديا كمثبط للشهية. قبل عرض هذا البرنامج كان هناك ثلاث منتجات من الهوديا في السوق الأمريكي، والآن أصبح هناك ما يقارب من 300 منتج معروض الآن في جميع أنحاء العالم من نبات الهوديا.

وساهمت في الترويج لهذا المنتج أيضًا جهات على شبكة الإنترنت تُعرف باسم «أبحاث المستهلكين» حيث تدعي نشر تقارير ومراجعات وشهادات من قبل هيئات وأفراد عن الهوديا لكن دقة وقانونية البيانات التي تظهر في هذه المواقع غير محددة وغير معروفة. إضافة إلى ذلك فإنه هناك حملات غش مكثفة وتقارير مضللة كثيرة على الشبكة العنكبوتية هدفها تسويق منتجات ذات علاقة بالهوديا.

ونتيجة لكل ما سبق لا زال خبراء إنقاص الوزن يتشككون ولا يعتمدون على الهوديا في إنقاص وزن الأشخاص الذين يعانون السمنة، ومن بين هؤلاء الطبيب «أدريان يوديم»، المدير الطبي لبرنامج إنقاص الوزن الشامل في «مركز سيدارز سيناي الطبي»، و«مايكل ستيلمان»، رئيس هيئة الأمناء في «الجمعية الطبيه الأمريكية».

د. حسين الصباغ

أستاذ الكيمياء الصيدلية

اضف تعليق

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم