في خطوة مهمة نحو علاج أكثر فعالية لمرضى اللوكيميا النخاعية الحادة (AML) الذين يحملون طفرات جينية محددة، أظهرت تجربة سريرية حديثة نتائج واعدة. كشفت الدراسة أن دمج دواء ريفومينيب (Revumenib) الموجه مع العلاج الكيميائي التقليدي أدى إلى معدلات شفاء مرتفعة واستجابات قوية، مما يُعزز الآمال في تطوير نهج علاجي شخصي وفعال لهذا النوع المعقد من السرطان.

ريفومينيب: آلية عمل جديدة وموافقة تنظيمية سريعة
ريفومينيب هو دواء جديد يُستخدم لعلاج بعض أنواع سرطانات الدم الحادة التي تحتوي على خلل جيني معين. يُؤخذ هذا الدواء عن طريق الفم، ويعمل بآلية فريدة من نوعها عن طريق منع تفاعل بروتينين في الجسم يساهمان في نمو هذه السرطانات.
وافقت هيئة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) على استخدام هذا الدواء في نوفمبر 2024 بعد تجارب شملت 104 مرضى من البالغين والأطفال (من عمر 30 يومًا فأكثر). يُعد هذا الدواء أول علاج من فئته يعتمد على هذه الآلية الجديدة لمحاربة السرطان.
تفاصيل التجربة ونتائجها
شملت التجربة مرضى تم تشخيصهم حديثًا بسرطان الدم النقوي الحاد وتجاوزت أعمارهم الستين عامًا، وهي الفئة العمرية الأكثر عرضة لانخفاض فرص النجاة. تضمنت التركيبة العلاجية مزيجًا من العقارين التقليديين أزاسيتيدين (Azacitidine) وفينيتوكلاكس (Venetoclax)، مع إضافة دواء ريفومينيب. يعمل ريفومينيب على تثبيط بروتين “مينين (Menin)” الذي يؤدي دورًا مهمًا في تنشيط الجينات المرتبطة بنمو الخلايا السرطانية.
يُعد أزاسيتيدين وفينيتوكلاكس من الأدوية الشائعة المستخدمة في علاج سرطانات الدم. يعمل أزاسيتيدين (الذي يُحقن تحت الجلد أو الوريد) على إعادة تنشيط الجينات المسؤولة عن وقف نمو الخلايا السرطانية، بينما يعمل فينيتوكلاكس (الذي يُؤخذ عن طريق الفم) على تحفيز موت الخلايا السرطانية. يُستخدم هذان الدواءان معًا غالبًا لعلاج سرطان الدم النخاعي الحاد، خاصةً لدى كبار السن، وقد أظهرا تحسنًا ملحوظًا في استجابة المرضى وزيادة فرص البقاء على قيد الحياة مقارنةً باستخدام أزاسيتيدين وحده.
أظهرت نتائج الدراسة، التي نُشرت في دورية علم الأورام السريري، أن:
- 88.4% من المرضى المشاركين لم تُرصد لديهم أي مؤشرات على وجود خلايا سرطانية بعد العلاج.
- بلغت نسبة الشفاء الكامل 67.4%، أي أن المرض اختفى تمامًا وعادت فحوص الدم إلى معدلاتها الطبيعية.
اللافت للنظر أن أغلب المرضى أظهروا تحسنًا ملحوظًا بعد دورة علاجية واحدة فقط استمرت 28 يومًا، مما يعكس الفعالية السريعة للدواء.

تحسن كبير في معدلات البقاء على قيد الحياة
بعد عام واحد من بدء التجربة، بقي 62.9% من المرضى على قيد الحياة. هذه النسبة تفوق التوقعات بشكل كبير مقارنةً بالعلاج التقليدي وحده، خاصةً وأن معدل النجاة لخمس سنوات لمرضى هذا النوع من السرطان لا يتجاوز 33%، وينخفض إلى 17% فقط بين من تجاوزوا سن الستين.
تجربة عالمية أوسع قد تُغيّر قواعد علاج اللوكيميا
صرح الدكتور جوشوا زايدنر، الباحث الرئيسي في الدراسة وأستاذ الطب بجامعة نورث كارولاينا ورئيس قسم أبحاث اللوكيميا، أن “النتائج الواعدة من تجربتنا في المرحلة الأولى قادتنا مباشرةً إلى تصميم وتنفيذ دراسة عشوائية من المرحلة الثالثة”. وتهدف هذه الدراسة الجديدة إلى تحديد ما إذا كانت إضافة دواء ريفومينيب إلى العلاج القياسي المكون من أزاسيتيدين وفينيتوكلاكس يمكن أن تُحسّن من معدل البقاء على قيد الحياة بشكل عام لدى مرضى سرطان الدم النخاعي الحاد.
وأضاف زايدنر أن “هذا النظام العلاجي يتمتع بإمكانية إحداث تغيير جذري في ممارسات علاج المرضى الذين يُظهر سرطان الدم النخاعي الحاد لديهم التغيرات الجينية المحددة التي ركزنا عليها”.
ولضمان نجاح هذه الدراسة الموسعة في المرحلة الثالثة سيتم إضافة ما بين 10 إلى 12 مركزًا أمريكيًا جديدًا إلى تحالف Beat AML الذي يضم حاليًا 12 مركزًا فقط. كما ستقود مجموعة HOVON، وهي مجموعة أوروبية تعاونية لعلم الأورام، تجربة المرحلة الثالثة في أوروبا، لضمان أقصى قدر من الفعالية ونأمل أن تقدم “دليلًا قاطعًا على فعالية هذه التركيبة الدوائية”.