الصحة والغذاء

اليوم العالمي للبطاطا.. من أين بدأت القصة؟

حظيت البطاطا في عام ( 2008)، بتكريم خاص لم يحظ به أي غذاء من قبل؛ حيث قررت الأمم المتحدة أن تطلق على هذه السنة مسمى: السنة الدولية للبطاطا. وجرى ذلك في مقر الأمم المتحدة في نيويورك يوم ١٨ أكتوبر ٢٠٠٧. وتضمنت الاحتفالات مراسم الإطلاق الرسمية، ومعرضًا عن البطاطا، إضافة إلى فعاليات مساندة نظمتها الجهات المشاركة في تنفيذ السنة الدولية للبطاطا. واختارت المنظمة شعارًا خاصًا بهذه المناسبة، هو عبارة عن درنات بطاطا بالألوان الحمراء والسوداء والبنية، وكلمة «الكنز الدفين» بخط واضح.

أما أصل تخصيص هذه السنة للبطاطا، فهو اقتراح تقدم به ممثل حكومة بيرو الدائم لدى المنظمة الدولية للأغذية والزراعة (الفاو). والهدف منه لفت أنظار العالم، إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه البطاطا في تحقيق الأمن الغذائي العالمي، والحد من الفقر، مع الزيادة الكبيرة المتوقعة في عدد سكان العالم.

خريطة طريق البطاطا

وضعت الأمم المتحدة خريطة طريق للسنة الدولية للبطاطس، بينت خلالها الهدف الأساسي من إطلاق هذه السنة، والأهداف الفرعية التي تسعى لتحقيقها من وراء ذلك، واستراتيجيات تحقيق هذه الأهداف.

ومن ضمن استراتيجيات تنفيذ السنة الدولية للبطاطس، نشر معلومات عن النظم الاقتصادية القائمة على زراعة وصناعة البطاطا، وتنظيم فعاليات ثقافية، ومسابقات في بحوث البطاطا، ومنافسات ومعارض فنية أو فوتوغرافية للبطاطا، والمسائل المتصلة بها. إلى جانب، تقديم المساندة الفنية لصياغة استراتيجيات وبرامج ومشروعات، لدعم تنمية قطاع البطاطا.

موقع إلكتروني خاص

وأعدت المنظمة موقعًا إلكترونيًا خاصًا بعدة لغات لهذه المناسبة (www.potato2008.org)، ضم معلومات شاملة حول البطاطا، وأصل نشأتها، وقيمتها الغذائية، وموقعها في الاقتصاد العالمي.

ومما جاء في الموقع عن أصل تسمية كلمة بطاطا أنها اشتقت من كلمة بتاتا (Batata) من لغة الهنود الحمر في جنوب أمريكا، وأن الإسبان هم من أدخلها للغات الأوروبية في القرن السادس عشر.

ثم انتقلت هذه الكلمة إلى اللغات العربية والإنجليزية (بوتيتو) والتركية (باتاتِس) والبرتغالية (باتاتا). أما في البلدان الأوروبية وإيران فقد أعطيت البطاطا الاسم الحرفي «لتفاحة الأرض». أما في اللغة الإسبانية المستخدمة في أمريكا الجنوبية فما زالت هذه الدرنة تعرف باسمها الأصلي الذي أطلقته عليها قبائل كويشوا وهو «بابا».

ويعد نبات البطاطا نباتًا حوليًا عشبيًا ينمو حتى ارتفاع قد يصل إلى ١٠٠ سم، وينتج درنة تسمى بطاطا أيضًا. وتتبع البطاطا فصيلة الباذنجانيات من النباتات المزهرة، والاسم العلمي لها هو (Solanum tuberosum).

فجر البطاطا

وبدأت قصة البطاطا منذ ٨٠٠٠ سنة خلت بالقرب من بحيرة تيتيكاكا التي تقع على ارتفاع ٣٨٠٠م فوق سطح البحر في سلسلة جبال الأنديز في أمريكا الجنوبية على الحدود بين بوليفيا وبيرو. وتشير الدلائل التاريخية إلى أن مجتمعات الصيادين والجمّاعين التي دخلت قارة أمريكا الجنوبية لأول مرة قبل نحو ٧٠٠٠ عام بدأت في تدجين نباتات البطاطا البرية التي كانت تنمو بصورة وفيرة حول البحيرة. غير أن المزارعين المقيمين في جبال الأنديز الوسطى هم الذين نجحوا في انتخاب وتحسين أول محصول من البطاطا، وقد أصبح بعد مضيّ آلاف السنين مجموعة مذهلة من محاصيل الدرنات.

وما نعرفه اليوم أن هذا النوع من «البطاطا» يحتوي على جزء ضئيل فحسب من التنوع الوراثي الموجود في أنواع البطاطا السبعة المعروفة، وأن ثمة ٥٠٠٠ صنف من البطاطا ما زالت تزرع في جبال الأنديز.

ويحتفظ المركز الدولي للبطاطا (CIP) بنحو ٧٥٠٠ صنف مختلف من البطاطا (منها ١٩٥٠ صنفًا بريًا).

ويعود الفضل للإسبان في نشر البطاطا في مختلف أنحاء العالم، حيث نقلوها إلى أوروبا مع الغزو الإسباني لبيرو بين عامي ١٥٣٢ و١٥٧٢م.

ثم انتشرت زراعة البطاطا بسرعة عبر مختلف أرجاء المعمورة حيث تزرع البطاطا اليوم في أكثر من 100 دولة على مساحة زراعية تقدر بنحو 190 ألف كم².

وقد شهد القرن الـ ٢٠ بروز البطاطا كغذاء عالمي بحق. كذلك حصلت البطاطا على حقها كغذاء خفيف؛ حيث ساعد اختراع قشّارة البطاطا الآلية في عشرينات القرن الـ ٢٠ إلى صنع رقاقات البطاطا المقلية التي تعد أكثر الأغذية الخفيفة مبيعًا في أمريكا.

زراعة البطاطا

تزرع البطاطا في ظروف الطقس المعتدل وشبه الاستوائي والاستوائي. حيث تزرع في المناطق المعتدلة في الربيع وتحصد في أواخر الصيف. أما في المناطق الاستوائية فيتم الحصول على أفضل الغلال عند زراعة البطاطا على ارتفاع ١٨٠٠ إلى ٢٥٠٠م، أو على ارتفاع منخفض عند زراعة المحصول خلال الشهور الباردة. وبخلاف المحاصيل الحقلية الرئيسية الأخرى، تتكاثر البطاطا تكاثرًا نباتيًا، أي من درنات بطاطا أخرى تسمى بـ «تقاوي البطاطس»؛ حيث تنتج كل واحدة من تقاوي البطاطا من درنتين إلى عشر درنات جديدة. وتعدّ هذه التقاوي أغلى المدخلات في زراعة البطاطا إذ تمثل ما يتراوح بين ٣٠ إلى ٥٠% من تكاليف الإنتاج. لكن اتجه الباحثون إلى استنباط طرائق لزراعة البطاطا باستخدام ما يسمى «بذور بطاطا حقيقية» تستخرج من الثمار اللبّية.

ويدل اصفرار أوراق نباتات البطاطا وسهولة انفصال الدرنات عن رِئادها على أن المحصول قد وصل إلى مرحلة النضج. وعلى ضوء نطاق الإنتاج، تحصد البطاطا باستخدام شوكة جارفة أو محراث أو حاصدات بطاطا تجارية تنزع النبتة وتزيل التربة عن الدرنات بواسطة الهزّ أو النفخ.

اضف تعليق

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم