الصحة والغذاء

الجريش والهريس والمثلوثة

برزت تسمية الجريش من طبيعة المائدة الأساسية لهذا الطعام وهو القمح القاسي الذي يجرش بواسطة حَجَرَيْ الطاحون اليدوية أو الدق في جرن حجري بواسطة مدقة  خشبية غليظة حيث يتكسر القمح إلى قطع صغيرة.

ويصاحب القمح المجروش اللحم والبصل، حيث يسلق اللحم حتى ينضج ثم يضاف إليه مع مرقة الجريش والبصل المقطع والبهارات ويترك الجميع على نار هادئة لفترة مناسبة حتى النضج، ثم يصب فوق جميع المكونات السمن البري دون تعريضه للنار، كما يفضل الكثيرون، للمحافظة على نكهة السمن البري الرائعة، ويصب الطعام ساخنًا ويقدم.

هذا الطعام له شقيق شبيه في بلاد الشام إذ يسلق اللحم مع الجريش والبهارات حتى إذا نضج الطعام أضافوا إليه السمن البري، وهذا الطعام بشكل عام يوزع مجانًا على طالبيه، إذ ترى الناس وقد تزاحموا وبيد كل واحد منهم مغرفة كبيرة أو جردل فيملأ له من الجريش.

ولابد أن نشير إلى أن هذا الطعام مما وقفه السلطان سليم الأول وجعل قوامه كيسًا من الحنطة وخروفًا وصفيحة من السمن. ولكن هذه الكمية هزلت وتناقصت مع الأيام حتى وصلت إلى حد بسيط. ولكن بعض المحسنين يذبحون ويرفدون الحلة الكبيرة التي يطبخ فيها الجريش، وقد يجتمع في الحلة أحيانًا خروفان أو ثلاثة مما تصدق به الناس.

ولقد زرت مكان توزيع الجريش وأكلت منه وهو لذيذ حقًا ولاسيما حين يكثر فيه اللحم والدهن. ولا يفوتني أن أذكر أن الجريش في بلاد الشام يهرسونه بمسطحة كبيرة حتى يتداخل اللحم بالقمح.

أما شقيق الجريش فهو الهريس، ويطبخ الهريس كالجريش ولكن كثيرًا من الناس يستغني عن البصل ولا يصبون عليه السمن إلا في نهاية الطبخ، ويترك الهريس على النار حتى يذوب اللحم ويشبك بحبوب الحنطة، ثم تحضر قدر وتصب فيها المزيج، ويوقد التنور إن وجد حتى يصبح حارًا، وإن فقد التنور فيمكن الاستعانة بالموقد. وتدخل القدر في التنور الحار لمدة قد تفوق ساعتين، ثم تخرج ويعاد ضرب المزيج حتى يزداد تداخل اللحم بالحنطة، ثم يسكب في أطباق ويصب فوقه السمن البري فإن فقد السمن صبوا عليه الدهن الحيواني المذاب.

ونحب أن نشير إلى أن الجريش هو أحد عناصر المثلوثة الأساسية، وإنما سميت بالمثلوثة لبروز ثلاثة عناصر منها: القمح، والأرز، والدجاج، أو اللحم.

وتصنع المثلوثة بوضع طبقة من الجريش الناضج، ثم تصف فوقه القرصان، ثم يوضع الأرز المطبوخ فوق القرصان ويصف فوقه الدجاج الناضج أو اللحم.

إن المثلوثة اليوم هي الطعام الأصيل الأشهر في مجتمع الجزيرة العربية وقد ساعد في المحافظة على هذا الطعام وانتشاره قيام بعض المطاعم المتخصصة بصنع المثلوثة الأمر الذي أثار اهتمام الشباب بهذا الطعام المفيد فأقبلوا عليه محافظين على أصالتهم وانتمائهم إلى مجتمعاتهم.

بقلم: محمد سعيد المولوي

اضف تعليق

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم