في كل بضع سنوات، يعود مفهوم “التدريب الصائم” للظهور بقوة على وسائل التواصل الاجتماعي. يشير هذا المصطلح إلى ممارسة التمارين الرياضية، عادةً في الصباح، قبل تناول وجبة الإفطار.
يدّعي مؤيدو هذه الطريقة أنها الأكثر فعالية لفقدان دهون الجسم، بينما يرى معارضوها أنها فكرة سيئة وقد تؤدي إلى زيادة الوزن. فمن على حق، وماذا تخبرنا الأدلة البحثية؟

من أين أتت فكرة التدريب الصائم؟
يقول المؤيدون إن ممارسة الرياضة على معدة فارغة تُحدث تغييرات أفضل في تكوين الجسم (نسبة العضلات والعظام والدهون)، مؤكدين أنها تؤدي على وجه التحديد إلى فقدان الدهون. ويمكن اعتبار أي تغيير إيجابي في تكوين الجسم – سواء كان فقدانًا للدهون مع الحفاظ على الكتلة العضلية أو اكتسابها، أو حتى اكتساب كتلة عضلية دون فقدان للدهون – أمراً مرغوباً.
تنبع هذه الفكرة من الأبحاث التي تشير إلى أن توقيت تناول الطعام بالنسبة للتمرين يؤثر على التمثيل الغذائي بشكل مختلف. فالتمارين الهوائية (الكارديو) في حالة الصيام تؤدي إلى حرق المزيد من الدهون كوقود (وهو ما يسميه الباحثون “أكسدة الدهون”) عند قياسها في نقطة زمنية واحدة.
هل يترجم حرق الدهون القصير المدى إلى فقدان للوزن؟
لم يكن افتراض أن هذا الحرق اللحظي للدهون سيترجم إلى فقدان للدهون على المدى الطويل أمراً مستبعداً.
ومع ذلك، أظهرت مراجعة منهجية أُجريت في عام 2017 أن برنامج التدريب الصائم لا يُحدث اختلافات طويلة الأمد في فقدان دهون الجسم.
هذا التناقض بين الدهون التي تُحرق أثناء التمرين والدهون المفقودة على المدى الطويل غالباً ما يُفهم بشكل خاطئ. قد يعود السبب إلى أن الجسم يجد طرقاً لـ”التعويض”:
- انخفاض حرق الدهون اللاحق: يبدو أن حرق الدهون الإجمالي ينخفض بمجرد تناول الطعام.
- انخفاض الطاقة المستهلكة: قد يستهلك الأشخاص الذين يمارسون التمارين الشاقة في حالة الصيام طاقة إجمالية أقل على مدار اليوم.
في علم التمارين، من الشائع أن التأثيرات قصيرة المدى لا تترجم دائماً إلى تأثيرات طويلة المدى. على سبيل المثال، التمارين المكثفة القصيرة قد تؤثر سلباً على جهاز المناعة في تلك اللحظة، لكن التمارين المنتظمة تؤثر عليه إيجابياً على المدى الطويل.

تأثير توقيت الوجبة على الأداء وتكوين الجسم
الأداء الرياضي:
- الكربوهيدرات والبروتين: من المرجح أن يساعد تناول وجبة تحتوي على الكربوهيدرات والبروتينات بالقرب من وقت التمرين على تحسين الأداء في الجلسة التالية. لكن توقيت تناول هذه الوجبة (قبل أو بعد التمرين) يبدو أن له تأثيراً محدوداً.
- الأنشطة الطويلة مقابل القصيرة: من الواضح أن تناول الطعام قبل التمرين يحسن الأداء في الأنشطة التي تتجاوز 60 دقيقة، لكن تأثيره ضئيل على أداء الأنشطة الأقصر مدة.
- دليل الرياضيين: أظهر استطلاع شمل حوالي 2000 رياضي من رياضات التحمل أن الرياضيين غير المحترفين أكثر ميلاً لممارسة الرياضة أثناء الصيام مقارنةً بالرياضيين المحترفين.
تكوين الجسم (بشكل عام):
- أظهرت الأبحاث أن زيادة نسبة الطعام الذي تتناوله في الصباح – وخاصة زيادة البروتين – قد يساعد في تحسين تكوين الجسم وتعزيز فقدان الوزن. ومع ذلك، فإن هذا التوقيت يتعلق بموعد تناول الطعام خلال اليوم وليس بموعد التمرين.
تدريب القوة (رفع الأثقال):
- فيما يتعلق بتأثير الصيام مقابل تناول الطعام على قوة العضلات وحجمها وتغيرات تكوين الجسم استجابةً لتمارين المقاومة، فإن الأبحاث محدودة وذات جودة منخفضة.
- تشير الأدلة المحدودة إلى أن الأمر لا يشكل أي فرق. وقد وجدت تجربة عشوائية حديثة عدم وجود فرق في القوة أو الطاقة أو الكتلة العضلية الهزيلة عند ممارسة تدريب المقاومة مرتين أسبوعياً لمدة 12 أسبوعاً، سواء بعد الصيام أو بعد الأكل.





