الصحة والغذاء

آلام في الظهر والعمود الفقري.. كيف تتجنبها وتعالجها؟

يمثل جسم الإنسان – بكل المقاييس – تقنية غاية في الروعة والإتقان والإبداع الإلهي.

ومن ذلك أنه يتكون من مجموعة من 206 عظام مرتبطة معًا بواسطة المفاصل، وتثبتها الأوتار في مكانها وتساعدها العضلات على الحركة.

لكن هذه المكونات الرقيقة يصيبها التعب والإرهاق وتتورم ويشعر الإنسان عندئذ بالألم وعدم المقدرة على الأداء الحركي كما تعود.

إن تصلب الرقبة واللمباجو وعرق النسا والتهابات الشرايين تعتبر من أشكال هذا التعب الذي نخشاه جميعًا.

ويجد المرضى غالبًا أن معظم العلاج الطبي الذي يوصف في الحال، غالبًا ما يكون قاسيًا ولا يؤتي بنتائج جيدة حيث يكون قائمًا بصورة كبيرة على المسكنات القوية التي قد يكون لها الكثير من الأعراض الجانبية.

ولذا قد تكون العلاجات البديلة أو التكميلية هي إحدى الوسائل الرائعة في علاج هذه الحالات مثل العلاج بالأعشاب أو الإبر الصينية وهي تكون بديلة أو مكملة للعلاج التقليدي المتعارف عليه.

آلام الظهر

منذ سنوات قليلة كان يطلق على آلام الظهر (مرض العصر) وفي الحقيقة هو لا يعتبر مرضًا بالمعنى المعروف ولكنه مجرد عرض ويحتاج إلى تشخيص دقيق لأن الألم له عدة أسباب. وهو غالبًا ما يرجع إلى سوء توظيف العمود الفقري والعضلات والأربطة المدعمة له.

وآلام الظهر أمر شائع بين الناس حتى إنه يتطلب زيارات عديدة للطبيب كما هو في الأمور العادية المتطلبة زيارات كثيرة مثل آلام الحلق واللوزتين ومشكلات الأذن والعين.

فالرجال الذين يؤدي عملهم لإرهاق ظهورهم مثل من يقود سيارة لفترات طويلة نجدهم يشكون من آلام أسفل الظهر، أما النساء فأغلب شكواهن تتركز في منطقة الرقبة ومناطق أعلى الظهر. وهناك عوامل أخرى قد تؤدي إلى آلام الظهر مثل الجلوس بطريقة غير صحيحة لا يتحقق منها الراحة وخاصة أثناء العمل والاستذكار حيث يتطلب ذلك الجلوس لفترات طويلة.

ويمكن تقسيم آلام الظهر إلى التصنيفات التالية:

* اللمباجو: وهو آلام أسفل الظهر ويمثل حوالي ثلثي الحالات المرضية.

* عرق النسا: وهو الآلام التي تحدث بالفخذ وهو يمثل حوالي 20% من الحالات.

* آلام العنق، وهو يمثل 20% أيضًا من الحالات.

* آلام ظهرية عامة، (آلام المناطق الباقية من الظهر) وهي تمثل حوالي 10% من الحالات.

شكاوى مرضية

والأساليب الوقائية الموصى باتباعها لتجنب الوقوع في مشكلات الظهر وهي ذات أهمية حيوية جدًا في شتى أنشطة الحياة يمكن تقسيمها إلى 5 مجموعات:

الحركة، وذلك باتباع ما يلي:

–  وفر المجهود على ظهرك كلما أمكن ذلك، وابحث دائمًا عن الأوضاع التي تريحه.

–  تجنب التحركات التي تتسبب في حدوث الألم وتعامل مع مؤشرات الألم كنذر لا يجب إهماله.

–  كن حذرًا من الاستناد إلى الأمام حيث يؤدي ذلك إلى اتساع المسافات بين الفقرات وقد يؤدي إلى تلامس الغضروف مع النخاع الشوكي.

–  كن حريصًا عندما تقوم بحركات التوائية مثلاً عندما تستدير أو تلف بجسمك لكي تأخذ ملفًا أو عندما ترد على التليفون.

–  كن حريصًا عندما تقوم بحركات تتطلب تمدد الجسم لأعلى مثل محاولة إعادة كتاب إلى الرف الأعلى بالمكتبة.

–  تعود على القرفصة على الركبيتن عند محاولة الوصول إلى شيء على الأرض وتحميل الثقل كله على يديك وليس ظهرك عندما تعود للوقوف. وقد لا يحب الكثيرون هذا الوضع ويفضلون الانحناء لأخذ الأشياء من على الأرض بدلاً من القرفصاء، ولكن وضع القرفصاء هنا فيه ميزة كبيرة وهو استخدام عضلات البطن بدلاً من عضلات الظهر مما يقلل الضغط المقرر على الفقرات إلى الثلث.

اختيار التمرينات الرياضية

إن أي نوع من أنواع الرياضة يشكل مجهودًا على الظهر سواء كان هذا المجهود كبيرًا أو قليلاً، وهنا يجب الانتباه مع بعض الرياضات المرهقة للعمود الفقري مثل رفع الأثقال والجودو والتنس.

 وفي مقابل ذلك تفيد السباحة لراحة الظهر. كما توجد طرق للاستشفاء وبرامج علاجيه بديلة أو تكميلية تقوم على أساس أن يجلس المريض في الماء مع مراعاة وجود ذبذبات معينة أو درجة حرارة معينة يحددها الطبيب في برنامج علاجي يتناسب مع حالة كل مريض.

المعدات الرياضية

رغم أن السير لمسافات طويلة مهم لصحة الدورة الدموية والأوردة والشرايين، لكن قد يضر الإنسان نفسه عندما يكون غافلاً عن بعض الأمور مثل الحذاء المناسب للمشي.

 وهنا ينصح بتجنب السير لمسافات طويلة أو حتى الأنشطة الرياضية عندما لايرتدي الشخص الحذاء الرياضي المناسب. وارتداء الملابس الثقيلة خاصة عندما يكون الجو باردًا لوقاية العظام من تسلل البرودة لداخلها والتي قد تؤثر على المدى الطويل. فالوقاية كما هو معروف خير من العلاج.

واحرص على أن تكون المخدات والمراتب المستخدمة في النوم متزنة من حيث الحجم والصلابة. فلا يصلح أن تكون لينة جدًا تؤدي لتقوس الظهر أو صلبة جدًا تؤدي لحدوث متاعب الظهر.

 وعليك تناول وجبات متوازنة ومتنوعة، تحتوي على نسب ملائمة وكافية من البروتين والمغنسيوم والكالسيوم. كما يفضل التحكم في الوزن حيث إن الوزن الزائد يشكل عبئًا على الظهر.

التزم بمبادئ رفع الأثقال

وهناك ثلاثة مبادئ مشتقة من رياضة رفع الأثقال يمكنك الاستفادة منها عند محاولة رفع أي حمل ثقيل، فهي رياضة تفيد الجسم رغم أن حمل الأثقال في حد ذاته قد يضر.

 ولكن هذه الرياضة تتطلب احتياطات وقواعد يتبعها الممارس حتى يستفيد من حمل الأثقال لبناء جسمي بدلاً من أن يضر ظهره.

 وتتلخص هذه المبادئ في:

– اقترب من الثقل الذي ستحمله بقدر الإمكان.

– احتفظ بظهرك مفرودًا مستقيمًا.

– أغلق عضلات الظهر عند رفع الثقل.

آلام الظهر في مراحل العمر

يمكن تقسيم الناس من حيث معاناتهم من آلام الظهر إلى مجموعتين أساسيتين:

* الأولى: المرحلة العمرية من 10 إلى 20 سنة. وفيها يحدث النمو السريع أثناء فترة البلوغ. وقد تحدث آلام الظهر والتشوهات أثناء هذه المرحلة ومنها الميلان الجانبي للعمود الفقري (يأخذ شكل حرف s مائلة). ومنها أيضًا (التحدب) أي استدارة الكتفين مما يشوه شكل الجسم، وعادة يسبب ألمًا شديدًا.

* الثانية: المرحلة العمرية من 20 إلى 50 عامًا. وفيها ينتج ألم يعاني منه المريض بسبب طبيعة عمله الذي يتطلب الجلوس لفترات طويلة أمام الكمبيوتر مثلاً، أو عند القيام بحركة ينتج عنها إحداث ضغط كبير على الغضاريف بين الفقرات، بحيث لا تستطيع بعد ذلك امتصاص الصدمة كما يحدث في الأحوال العادية.

 فالغضاريف في أسفل الفقرات القطنية يمكنها أن تدعم الجسم وتساعده على تحمل أثقال في حدود 50 رطلًا ضاغطة على العمود الفقري وذلك في حالة الرقود.

وفي حالة الجلوس فيمكنها تحمل ثقل يزيد عن 300 رطل، أما في حالة الوقوف فيمكن للغضاريف تحمل أثقال تزيد عن 1000 رطل خاصة عند الاستناد للأمام.

والخطورة تحدث عندما ينزلق الغضروف بتحركه من مكانه كنتيجة لزيادة هذا الضغط. وهنا يزداد الألم وقد يتطلب الجراحة ويسمى بالانزلاق الغضروفي.

ولكن إذا عرفنا سبب حدوث مثل هذا الأمر الخطير يمكننا تفاديه ببعض الاحتياطات حتى لانصل بأنفسنا إلى هذه المرحلة.

أمراض الظهر والعمود الفقري

هناك أمراض يصاب بها العمود الفقري بسبب زيادة الضغط عليه بالأحمال الثقيلة أو كثرة الجلوس أو الأوضاع الخاطئة وهي:

اللمباجو: هذه الكلمة تصف التشنج العضلي في منطقة الفقرات القطنية، وترتبط بحالة الغضروف بين الفقرات بادئًا في الانزلاق خارجًا من مكانه. وهذه المرحلة تأتي بدون إنذار بعد ضغط غير معتاد على الظهر، أو عند الانحناء ببساطة في وضع خاطئ فإن الحركة المفاجئة ذات الألم التي تشبه الطعنة تجبر المريض على التوقف فجأة ولا يصبح قادرًا على الحركة خوفًا من عودة الألم.

 واللمباجو يتحسن بالعلاج خلال 5 إلى 10 أيام حسب اتباع المريض للتعليمات، ولكنها قد تعود مرة أخرى. وإذا لم يتبع المريض تعليمات الوقاية من الطبيب فقد يتطور اللمباجو ويصير عرق النسا.

عرق النسا: يتعرض حوالي 3% من مرضى آلام الظهر من هذا المرض، وهو يصيب الرجال أكثر من النساء خاصة في المرحلة العمرية من 30 إلى 50، وهي تحدث عادة كنتيجة لحركة رفع الأشياء من على الأرض مما يخرج الغضروف من مكانه فيثير جذر العصب الوركي ويسبب حدوث المرض.

ويبدأ عرق النسا في صورة ألم مشابه لطعنة السكين في أي جزء من العصب الوركي، ثم يمتد ليشمل الرجل بطولها من بدايته في العجز حتى القدم، ويزداد الألم بأقل ضغط مثل الكحة أو العطس أو غيرها. وهذا المرض يكون مصحوبًا بأعراض عصبية مثل فقد قوة العصب أو فقد الإحساس مما يجعل المشي في حد ذاته أمرًا صعبًا إن لم يكن مستحيلًا. والعلاج الطبي هو الحل الوحيد في هذه الحالة بنسبة 95% من الحالات تقريبًا.

الغضروف: الغضروف مكون جيلاتيني يكمن بين كل فقرتين لامتصاص الضغط من حركات العمود الفقري، أو أي نوع من الصدمات الناتجة عن الحركة المفاجئة الخاطئة التي قد تؤدي إلى دفع الغضروف من مركزه إلى خارج غلافه الرقيق ثم إلى أعلى اتجاه الأربطة التي بالخلف. ويأتي الألم من تماس هذين العضوين.

ولحماية الظهر من هذه الآلام الصعبة التي تعوق الحياة الطبيعية، يجب مراعاة الاحتياطات التي ورد ذكرها في موضوعنا الرئيسي، من التغذية السليمة، والحركة، والجلوس بأوضاع سليمة، وممارسة تمرينات رياضية تلائم ظروف كل إنسان، بحيث لا يتم ممارسة تمرينات رياضية عنيفة قد تضر الظهر.

وفي حالة الشعور بأي عرض غير عادي يجب استشارة الطبيب لتحديد وسيلة العلاج سواء بالأدوية أو بالجراحة في الحالات الشديدة، أو التغلب على الألم الشديد باستخدام مسكنات غير ضارة على المعدة مع بعض جلسات من العلاج الطبيعي، وغيرها من الإرشادات التي ينصح بها الطبيب حتى لا تتفاقم الأمور.

 وهنا يكمن أهمية الوعي الصحي الذي ينبغي أن نتثقف به ونثقف به أولادنا وفيه الوقاية والعلاج إن شاء الله.

اضف تعليق

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم